أزمة تجنيد الحريديم تُعود مُجددًا داخل إسرائيل.. ما القصة؟
عبده حسن مصر 2030أصدرت المحكمة العليا في إسرائيل حكمًا يقضي بضرورة تجنيد الرجال اليهود المتشددين دينيًا في الخدمة العسكرية.
وقد صدر هذا الحكم بالإجماع من لجنة موسعة تتكون من تسعة قضاة، مؤيدين لقرار مؤقت صدر الشهر الماضي.
حيث ينص القرار على أن الدولة ليس لديها سلطة تقديم الإعفاء الحالي للرجال الأرثوذكس المتطرفين، المعروفين بالحريديين.
كما وجدت المحكمة أن المدارس الدينية الأرثوذكسية لدراسة التوراة ستكون غير مؤهلة للحصول على إعانات مالية من الدولة ما لم يتم تجنيد طلابها في الجيش.
وأكدت المحكمة أن تطبيق الإعفاءات الدينية الحالي يمثل "تطبيقًا انتقائيًا غير صالح"، مما يعد انتهاكًا خطيرًا لسيادة القانون ومبدأ المساواة أمام القانون.
وشددت المحكمة على أن في ظل الظروف الحالية، ولا سيما خلال الحرب في غزة، يبرز عدم المساواة بشكل أوضح ويتطلب حلاً عاجلاً.
يأتي هذا القرار في وقت حساس، حيث يكافح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للحفاظ على تماسك حكومته الائتلافية، التي تضم حزبين متشددين هما "شاس" و"يهدوت هتوراة".
هذان الحزبان كثيرا ما هددوا بالانسحاب من الائتلاف وفرض انتخابات جديدة إذا تم إلغاء الإعفاءات من التجنيد لمجتمعاتهم.
ويُنظر إلى نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد ينفيها، على أنه رهينة لمطالب شركائه في الائتلاف، حيث يعتقد أن بقاءه في منصبه هو أفضل فرصة له لتجنب الملاحقة القضائية.
وتعد الخدمة العسكرية الإلزامية جزءًا كبيرًا من الروح الوطنية الإسرائيلية، ومع تزايد عدد السكان الأرثوذكس المتطرفين الذين يشكلون الآن 13% من سكان إسرائيل ومن المتوقع أن يصبحوا 21% بحلول عام 2042، ازداد الغضب بين ضباط الجيش وجنود الاحتياط من الوضع الراهن الذي يعفي المجتمع الحريدي من المساهمة في الجيش أو القوى العاملة.
ففي جلسات الاستماع، أعرب محامو الحكومة عن مخاوفهم من أن إجبار الرجال الأرثوذكس المتطرفين على التجنيد قد "يمزق المجتمع الإسرائيلي".
ومن جهته، وصف يتسحاق جولدكنوبف، وزير يهودية اليهود، القرار بأنه "مؤسف ومخيب للآمال"، مؤكدًا أن دولة إسرائيل أُنشئت لتكون وطنا للشعب اليهودي وأن التوراة هي حجر الزاوية في وجودها.
وفي المقابل، رحبت حركة جودة الحكم في إسرائيل، وهي جماعة ضغط مؤيدة للديمقراطية والملتمس الرئيسي في القضية، بقرار المحكمة ووصفته بأنه "انتصار تاريخي لسيادة القانون ومبدأ المساواة في عبء الخدمة العسكرية".
فبيني غانتس، الذي يعد سياسياً معارضاً وسطياً ومنافساً لنتنياهو، استقال من حكومة الحرب في وقت سابق من هذا الشهر بسبب خلافات مع رئيس الوزراء حول قضايا مثل صفقة الرهائن والتجنيد الإجباري لليهود المتشددين.
ألقى غانتس باللوم على الائتلاف، مشيراً إلى عدم بذلهم جهوداً كافية لحل المشاكل الوطنية وخدمة البلاد، بدلاً من التركيز على تعزيز التحالفات السياسية.
ولم تحدد المحكمة العليا بعد حصصاً لتجنيد اليهود المتشددين، مما خلف مسؤولية تلك القضية للحكومة والجيش.
ومنذ بدء الحرب في أكتوبر، تم استدعاء عشرات الآلاف من القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى سقوط حوالي 600 جندي.
وفي الوقت الحالي، تواجه الحكومة نقصاً في القوات العسكرية، مما دفعها إلى مشروع قانون يهدف إلى رفع سن الإعفاء لجنود الاحتياط وتوسيع فترة الخدمة، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق.
كما يسعى رئيس الوزراء لتأجيل قضية التجنيد الإجباري لليهود المتشددين، على الرغم من حكم المحكمة العليا في عام 2017 الذي أكد غير دستورية الإعفاءات الحالية.