رجل الحرب والسلام.. باحث يكشف تأثير رمسيس الثاني على إمبراطورية رمسيس الثالث

قال الدكتور محمد رأفت عباس، الباحث والمؤرخ في علم المصريات، إن رمسيس الثاني ورمسيس الثالث هم نموذجاً في التأثر بالعظمة التاريخية بين ملكين فريدين من أعظم ملوك مصر القديمة على الإطلاق.

وأوضح «عباس»، فى تصريحات له، أنه «جاء رمسيس الثالث إلى عرش مصر بما يزيد قليلاً عن الربع قرن منذ رحيل بطل مصر الخالد رمسيس الثاني رجل الحرب والسلام ، غير أن الشواهد التاريخية قد دلت بشكل قاطع على أن رمسيس الثالث قد إتخذ من سميه رمسيس الثانى نموذجاً».

وتابع الباحث، أن «مرجع ذلك كان يعود إلى ذلك الإرث الحضاري والتاريخي العظيم الذى تركه رمسيس الثاني للأمة المصرية ، والذي لا تزال آثاره الفريدة قائمة على الأرض المصرية إلى يومنا هذا، لاسيما أن بطل ملحمة قادش وملك ملوك الشرق القديم رمسيس الثانى كان مثالاُ حياً للأيدولوجية الملكية المصرية المعبرة عن طموحات الأمة في أن يقودها بطلاً ومحارباً عظيماً، ويكون سداً منيعاً أمام الطامعين والحاقدين من أعداء أرض الكنانة، والذي يجب أن يكون نبراساً للعدالة ( ماعت ) وظلا للمعبودات على الأرض، وهكذا كان رمسيس الثانى بالفعل، الذي كان نموذجاً حياً لمجد مصر الحضاري والتاريخي والإمبريالي».

وأشار إلى أن رمسيس الثالث قد رأى فى سلفه رمسيس الثانى النموذج والقدوة والإرث الذي عليه أن يتبعه كحاكم لمصر .. ومن ثم فقد عمل رمسيس الثالث على التشبه بسميه وقدوته في كل شىء منذ بداية عهده حتى في بعض ألقابه الملكية، وقد بلغ هذا التشبه حداً كبيراً أثار دهشة المؤرخين ، فقد أقام رمسيس الثالث معبده الجنائزى الشهير في غربي طيبة والمعروف بمعبد مدينة هابو على غرار المعبد الجنائزى الشهير لرمسيس الثانى والمعروف بالرمسيوم ، حيث ًإستوحى مهندسو رمسيس الثالث كافة تفاصيل معبده المعمارية والفنية من الرمسيوم .

كما تشبه رمسيس الثالث بسميه كثيراً في إختياره لأسماء أبناءه من الأمراء، حتى أن عدداً غفيراً من أبناء رمسيس الثالث قد حملوا أسماء بعض أبناء رمسيس الثانى من مشاهير الأمراء كآمون حر خبش إف وخع إم واست، وبلغ هذا التشبه ذروته في آثار رمسيس الثالث المختلفة في الطابع الفني الفريد لأعمال النحت والتصوير التي وصلت إلينا من عهده، وتشير نصوص بردية هاريس الكبرى المحفوظة بالمتحف البريطاني إلى أن رمسيس الثالث قد حاكى سلفه العظيم رمسيس الثانى فى تشييداته المعمارية والعديد من المعابد في مناطق عديدة في أنحاء مصر بطيبة ومنف وإيونو (هليوبوليس) وسيناء وتانيس وأبيدوس وقفط وقوص والميدامود وأرمنت والكاب وغيرها .. وفى ميدان الحرب الذى واجه فيه رمسيس الثالث تحديات كبيرة ومعارك ضارية أمام غزوات الليبيين وشعوب البحر، إستطاع تحقيق إنتصارات عسكرية مبهرة وأثبت أنه لا يقل بأي حال من الأحوال عن سميه وقدوته.

وقال «عباس»، إنه «على الرغم من إختلاف طبيعة الحروب التي خاضها رمسيس الثالث عن تلك التى خاضها رمسيس الثانى، إلا أن حروب رمسيس الثاني في آسيا حلم ومجد عسكري ظل يراود رمسيس الثالث دائماً، فقرر هو الآخر غزو بلاد كنعان والإستيلاء على مملكة آمورو السورية كما فعل رمسيس الثانى من قبل، بل وسجل نجاحه العسكري هذا على جدران معبده بمدينة هابو بطريقة تتشابه تماما بمناظر رمسيس الثاني المسجلة على جدران معبد الرمسيوم والكرنك، مضيفا: «لقد نجح رمسيس الثالث فى تحقيق ما يصبو إليه من مجد تاريخى ، وإعتبر فى نظر المؤرخين آخر الملوك العظماء فى تاريخ مصر القديمة».