الهجمات على العاملين الصحيين في مناطق النزاع.. كيف زادت لأعلى مستوى على الإطلاق؟
كشف تقرير جديد أن الهجمات على العاملين في مجال الصحة والمستشفيات والعيادات في مناطق النزاع ارتفعت بنسبة 25% العام الماضي، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق.
وأفاد تحالف حماية الصحة في الصراعات بأن هذه الزيادة ترجع بشكل كبير إلى الحروب الجديدة في غزة والسودان، كما شهدت الصراعات المستمرة في أوكرانيا وميانمار استمرار هذه الهجمات "بوتيرة لا هوادة فيها".
وسجل الباحثون أكثر من 2500 حادثة “عنف ضد الرعاية الصحية أو عرقلتها” في عام 2023، شملت قتل أو اختطاف العاملين الصحيين، وقصف المستشفيات ونهبها واحتلالها.
ودعا التحالف إلى محاكمات وطنية ودولية لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المتعلقة بالهجمات على الجرحى والمرضى والمرافق الصحية والعاملين في مجال الصحة.
وسلط التقرير الضوء على حالات الهجمات على مستشفيات الأطفال والمواقع التي تدير حملات التحصين، مما يجعل الناس عرضة للأمراض المعدية.
كما حذر من اتجاه جديد لاستخدام الطائرات بدون طيار المسلحة بأسلحة متفجرة لاستهداف المرافق الصحية.
وقال ليونارد روبنشتاين، من كلية جونز هوبكنز للصحة العامة ورئيس التحالف، إن العنف ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرافق "وصل إلى مستويات مروعة".
وأضاف أن التقرير تضمن أمثلة على استهداف العمال عمدًا، وأخرى على تهور أو عدم مبالاة المقاتلين بالأضرار التي تسببوا فيها.
وقال روبنشتاين: "الافتقار إلى ضبط النفس الذي نشهده منذ بداية الصراعات يوحي بأن قانون حماية الرعاية الصحية لا معنى له بالنسبة للمقاتلين".
وأكد روبنشتاين أن "السمة الوحيدة الثابتة للهجمات هي استمرار الإفلات من العقاب على هذه الجرائم.
ولأكثر من عقد من الزمان، وعلى الرغم من التزاماتها المتكررة، فشلت الحكومات في متابعة هذه الالتزامات، وإصلاح ممارساتها العسكرية، ووقف نقل الأسلحة إلى مرتكبي الجرائم، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة".
وأورد التقرير صورة لرجل أفريقي يبحث بين الحطام والأوراق وأكوام الصناديق الكرتونية التي تركها اللصوص في فناء عيادة التحصين في الجنينة، السودان.
وقال مسؤول في اليونيسف في عاصمة ولاية غرب دارفور إن المهاجمين دمروا سلسلة التبريد واللقاحات والمباني ونهبوا المركبات.
ويتألف التحالف من أكثر من 40 منظمة غير حكومية، وقد أصدر تقارير سنوية على مدى السنوات الـ11 الماضية.
وحدد 2562 حادثة عنف أو عرقلة للرعاية الصحية في النزاعات في عام 2023.
وكشف التقرير أن 685 حالة تضمنت اعتقال أو اختطاف العاملين الصحيين، مثل الأطباء والممرضات وسائقي سيارات الإسعاف، بينما قتل 487 منهم، وهو ما يقارب ضعف عدد القتلى في عام 2022.
كما أشار التقرير إلى أن المرافق الصحية تضررت أو دُمرت على يد القوات الحكومية والجماعات المسلحة غير الحكومية.
وخلص إلى أن تلك المنشآت "تم احتلالها بشكل متزايد أو إعادة استخدامها لأغراض عسكرية"، في انتهاك واضح للقانون الإنساني.
وأوضح الباحثون أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الواقع، نظرًا لصعوبة الحصول على معلومات دقيقة من مناطق النزاع.
وحدد التقرير 11 دولة ومنطقة تأثرت فيها الخدمات الصحية للأطفال، من بينها قصف أو احتلال مستشفى النصر للأطفال في غزة، ومركز جوانا أمل للأطفال المصابين بالسرطان في الخرطوم، ومستشفى خيرسون الإقليمي للأطفال في أوكرانيا.
كما حذر التقرير من أن الصراعات الطويلة الأمد تترك آثارًا تراكمية ودائمة، مما يؤدي إلى تدمير النظام الصحي أو تضرره بشكل كبير حتى بعد انتهاء النزاعات.
وقال ليونارد روبنشتاين إن تأثير الهجمات على وصول السكان إلى الرعاية الصحية كبير ويستمر حتى بعد تراجع الصراعات، كما هو الحال في تيغراي بإثيوبيا واليمن، بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالنظام الصحي وهجرة العديد من العاملين في المجال الصحي.
وأعرب روبنشتاين عن أن تصريحات الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، ومسؤولين آخرين يدينون العنف ضد الرعاية الصحية يمكن أن تشكل "أساسًا لقيادة عالمية أكثر تضافراً".
وأضاف أن هذه القيادة يجب أن تشمل الملاحقات القضائية لتحقيق العدالة وتكون بمثابة رادع.
ورحب بإعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين عن سعيه للحصول على أوامر اعتقال بحق مسؤولين من حماس وإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وأكد روبنشتاين على ضرورة المساءلة عن الجرائم المتعلقة بتوفير الرعاية الصحية أو إساءة استخدام المرافق الصحية، مشيرًا إلى أن هذا النوع من المحاكمات لم يتم حتى الآن.
