هل تستمر أمريكا في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا؟
عبده حسن مصر 2030وصل وزير الخارجية الأمريكي إلى كييف حاملاً رسالة تؤكد التزام واشنطن بدعم أوكرانيا، وذلك في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية تحديات كبيرة في ساحة المعركة منذ أشهر.
وفي الأيام الأخيرة، شنت روسيا هجوماً في منطقة خاركيف الشمالية الشرقية، مما أجبر الآلاف على الفرار من منازلهم. وقصفت روسيا وسط خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، بغارات جوية يوم الثلاثاء.
وجاءت زيارة أنتوني بلينكن بعد ثلاثة أسابيع من توقيع الرئيس جو بايدن على حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا، بعد شهور من العرقلة من بعض أعضاء الحزب الجمهوري.
وأشار مسؤولون أوكرانيون إلى أن تأخير الأسلحة الأمريكية أدى إلى تفاقم الوضع الصعب على الجبهة.
وقال بلينكن قبل اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "نعلم أن هذا وقت مليء بالتحديات، المساعدة الآن في الطريق، وقد وصل بعضها بالفعل وسيصل المزيد قريبًا... وهذا سيحدث فرقًا حقيقيًا ضد العدوان الروسي المستمر في ساحة المعركة".
وشكر زيلينسكي بلينكن على المساعدة الأمريكية، لكنه أكد أن الدفاع الجوي يظل "أكبر مشكلة" بالنسبة لأوكرانيا، وطالب ببطاريتي باتريوت جديدتين لمنطقة خاركيف.
وبعد ساعات، تعرضت مبانٍ سكنية في وسط خاركيف للقصف. وأفاد مسؤولون بأن 16 شخصاً أصيبوا، بينهم ثلاثة أطفال.
ويهدد الهجوم الروسي الجديد في المنطقة بإعادة خاركيف إلى مرمى المدفعية الروسية للمرة الأولى منذ عام 2022.
وقد استولت روسيا على عدة قرى في الأيام الأخيرة، وتركز الآن على بلدة فوفشانسك، التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 17 ألف نسمة.
كما احتلت روسيا فوفشانسك في عام 2022، وإذا سقطت مجددًا في أيدي الروس، فستكون أول مدينة تحررتها القوات الأوكرانية تعود تحت الاحتلال.
وقال أوليه سينيهوبوف، حاكم منطقة خاركيف، إن القصف الروسي أدى إلى مقتل شخصين في فوفشانسك يوم الثلاثاء.
وفر آلاف الأشخاص من منازلهم في البلدة والمناطق المحيطة بها، مشيرين إلى أن الهجمات الحالية أشد مما شهدوه من قبل.
وصرحت ناتاليا يورتشينكو، التي غادرت فوفشانسك حديثًا، لرويترز: "لم نغادر المنزل لخمسة أيام متتالية، ولم نرَ أحدًا، كنا مرعوبين من الخروج لدرجة أننا لم نفتح الباب أبدًا".
كما أعرب كيريلو بودانوف، رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، عن اعتقاده بأن القوات الأوكرانية تمكنت من تحقيق استقرار في الوضع ووقف أي تقدم آخر، وقال: "العدو في الواقع محاصر على الخطوط التي وصل إليها".
من جهته، أوضح سيرهي كوزان، مدير مركز الأمن والتعاون الأوكراني في كييف، أن خاركيف ليست ذات أولوية بالنسبة للروس.
وأشار إلى أن الهدف الرئيسي لروسيا هو تمديد القوات الأوكرانية عبر أجزاء أخرى من خط المواجهة بهدف الاستيلاء على الأراضي في منطقة دونباس، وخاصة حول بلدة تشاسيف يار.
وأشار كوزان إلى أن تأخير المساعدات الأمريكية كان له "تأثير مباشر" على ساحة المعركة، وقال: "في الجبهة، كان الجنود يقولون إنهم يرون الروس ويمكنهم استهدافهم، لكن ليس لديهم الأسلحة اللازمة لضربهم". وأضاف: "هذا الأمر محبط بشكل لا يصدق".
وتسبب التقدم في منطقة خاركيف في إنهاك القوات الأوكرانية المستنزفة بالفعل، حيث أطلقت البلاد حملة تعبئة جديدة لتعويض النقص في الصفوف على خط المواجهة.
كما أفاد ديفيد لامي، وزير خارجية الظل البريطاني، بأن المسؤولين الأوكرانيين وصفوا الوضع الحالي في ساحة المعركة بأنه "حرج" خلال سلسلة من الاجتماعات التي عقدها مع كبار المسؤولين في كييف.
وأوضح لامي في مقابلة مع صحيفة الجارديان في كييف: "مع وصول مجموعة كبيرة من المساعدات من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، أصبحوا في وضع أقوى، لكنهم ليسوا في المكان الذي كانوا يأملون الوصول إليه لو لم يكن هناك تأخير في المساعدة، لذا، فإن الأشهر المقبلة ستكون صعبة".
وسافر لامي إلى أوكرانيا برفقة وزير دفاع الظل، جون هيلي، لتقديم تطمينات للمسؤولين الأوكرانيين بأن حكومة حزب العمال المستقبلية ستستمر في دعم أوكرانيا وستلتزم بالوفاء بتعهد الحكومة الأخير بإنفاق 3 مليارات جنيه إسترليني سنويًا على المساعدات لأوكرانيا.
ورغم أن الدعم البريطاني لأوكرانيا يحظى بتأييد من مختلف الأحزاب، فإن هناك تساؤلات حول تأثير التغيير المحتمل في الرئاسة الأمريكية على موقف واشنطن.
كما جاء وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى كييف حاملاً رسالة تؤكد أن الولايات المتحدة ستظل تدعم أوكرانيا على المدى الطويل، رغم المخاوف في كييف من تغير الأمور إذا عاد دونالد ترامب للرئاسة.
بالإضافة إلى لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، زار بلينكن مطعماً يديره قدامى المحاربين العسكريين برفقة نظيره الأوكراني دميترو كوليبا.
وفي مساء الثلاثاء، ألقى بلينكن خطاباً في إحدى جامعات كييف، حيث أشاد بالنجاح الاستراتيجي الذي حققته أوكرانيا وأعرب عن تفاؤله بالمستقبل.
وفي خطاب موجه لمشاعر الأوكرانيين، اقتبس بلينكن كلمات الشاعر الوطني تاراس شيفتشينكو، وأشاد بشجاعة أوكرانيا في ساحة المعركة وابتكاراتها المحلية.
وقال: "مع مرور كل شهر، يقرب العمل الذي نقوم به معًا أوكرانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ومع استمرار الحرب، تعود روسيا إلى الوراء، بينما تتقدم أوكرانيا للأمام".
كما أعلن بلينكن أن الولايات المتحدة ستسعى لجعل الأصول الروسية المصادرة متاحة لأوكرانيا، مشيرًا إلى ضرورة استخدامها لتعويض الأضرار التي يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التسبب فيها.