إثارة الفوضى خدمة لإيران.. لماذا يغضب الأردن من الإخوان؟
مع اشتداد الحرب في غزة وتصاعد العنف في المنطقة بشكل عام، لم يكن الأثر محصورًا داخل حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل تجاوز ذلك ليطال الأردن أيضًا.
ومنذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، شهد الأردن تزايدًا في التأييد الشعبي لحماس، مرتبطًا بالحرب المستمرة في غزة منذ ستة أشهر، مما أدى إلى تصاعد موجات العداء تجاه إسرائيل على الأراضي الأردنية.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت الأردن زيادة في حجم وكثافة المظاهرات، التي نظمتها في الأساس جماعة الإخوان في البلاد.
كما تنتشر الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، ولكن الموقع الرئيسي لها يتمحور حول السفارة الإسرائيلية في منطقة الربيع بعمان، حيث يتجمع آلاف الشباب كل مساء بعد الإفطار بهدف "محاصرة السفارة".
و الجماهير المشاركة في هذه الاحتجاجات تطالب بإلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل وقطع العلاقات معها، وتفتح المعابر الحدودية بين البلدين "لدعم الشباب الأردني لإخوانهم في فلسطين".
ففي بعض الحالات، حاول المتظاهرون اختراق حواجز الشرطة والوصول إلى السفارة، لكن تم صدهم بواسطة ضباط الأمن، مما أدى إلى ردود فعل مناوئة واعتداءات جسدية، بالإضافة إلى اتهامات بالخيانة والتعاون مع إسرائيل تجاه ضباط الأمن.
وفي أحد المظاهرات في مدينة الزرقاء، قام المتظاهرون بأداء أغنية وطنية مع استبدال اسم الملك باسم المتحدث باسم حماس أبو عبيدة.
وفي 30 مارس، شهد محيط مخيم البقعة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في الأردن، اندلاع احتجاجات عنيفة، حيث قام المتظاهرون بإشعال النيران وإلقاء الحجارة، مما أدى إلى اعتقال عدد منهم.
كما يتزامن هذا التصعيد مع دعوات موجهة للشعب الأردني من قبل مسؤولي حماس والإخوان المسلمين، حثوا الأردنيين على التصعيد والانضمام إلى القتال ضد إسرائيل لخلط دماءهم مع الفلسطينيين، كما صرح زعيم حماس في الخارج خالد مشعل. وقد شهدت البداية نداءات مماثلة من مسؤولي حماس في بداية الحرب على غزة.
وهذا التحريض أثار غضب المؤسسة الأردنية، التي كانت تأمل في أن تحافظ دعاية حماس على استقرارها، ولكن يبدو أن التكتيك لم ينجح، مما يهدد الآن استقرار النظام الأردني.
وقام مسؤولون في النظام بمهاجمة قيادة حماس بشدة، متهمين إياها بتحريض الأردنيين ضد نظامهم وبالشعبوية وعدم النضج السياسي.
وحذروا من الاستمرار في ذلك، معددين محاولات حماس للضغط على الأردن للسماح لها بالعمل من أراضيها مرة أخرى. ودعا الوزير السابق سميح المعايطة إلى إسقاط الجنسية الأردنية عن مسؤولي حماس وعائلاتهم الذين يقومون بذلك.
فيبدو أن الأردن يرى أن تحريض الإخوان يخدم أجندة إيران في الإسقاط النظام الأردني وفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل في الأردن.
وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت المخاوف في الأردن بشأن النشاط الإيراني التخريبي داخل المملكة، مع زيادة المحاولات التي تقوم بها العناصر الموالية لإيران لتهريب المخدرات والأسلحة إلى الأردن عبر الحدود السورية.
والهجوم بطائرة بدون طيار في 28 يناير، الذي نُفذته الميليشيات المدعومة من إيران في العراق ضد قاعدة دعم لوجستي أمريكية في الأردن، أسهم في تفاقم هذه المخاوف.
وفي إشارة إلى تورط إيران في تدبير أعمال تخريبية في الأردن، كشف أبو علي العسكري، مسؤول كتائب حزب الله العراقي، عن خطط لإنشاء ميليشيا أردنية تكون تابعة لمحور المقاومة الذي تقوده إيران.
بالرغم من هذه التطورات، أكد المتحدث باسم الحكومة الأردنية المبيضين أن الأردن غير مهتم بالرد على الميليشيات التي ترتكب أعمال عنف، ولكن السلطات الأردنية تتابع الأمور بقلق.
وأوضح وزير الإعلام السابق المعايطة أن الأردن يدرك نشاط إيران في المنطقة منذ فترة طويلة، ولكنه أكد على استعداد الأردن للدفاع عن نفسه.
وقد قامت شخصيات إخوانية خارج الأردن بتحريض الجمهور هناك، حيث أفتى مفتي ليبيا الصادق الغرياني المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بأنه لا يجوز لقوات الأمن في الأردن ومصر "الدفاع عن الصهاينة"، وأن القيام بذلك "يشكل انضماما للصهاينة وتخابر معهم في قتل المسلمين."
وهذا التحريض أثار غضب النظام الأردني، ونقلت صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية عن مصدر أردني رسمي قوله إن "عدداً من مسؤولي حماس خرقوا الاتفاق غير المكتوب بيننا."
وأكد المتحدث باسم الحكومة المبيضين على موقف الأردن الرافض للتحريض والشعبوية، مشيراً إلى أن السلام هو الخيار الاستراتيجي للأردن، وأن اتفاقية السلام مع إسرائيل تسمح للأردن بأداء دوره في تخفيف الضغوط على سكان الضفة الغربية.
