من يقف وراء متلازمة هافانا الغامضة؟
يبدو أن كانت وحدة استخبارات روسية هي المسؤولة عن ما يُعرف بأعراض متلازمة هافانا الغامضة، التي تشمل إصابات في الدماغ وفقدان السمع، والتي تعاني منها الدبلوماسيون الأمريكيون في السنوات الأخيرة، وفقًا لتحقيق إعلامي مشترك.
وهذا يتعارض مع استنتاج السلطات الأمريكية السابق بأن "الحوادث الصحية الشاذة" لم تكن ناتجة عن سلاح طاقة أو خصم أجنبي.
وفي تطور آخر، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن مسؤولاً كبيراً حضر قمة حول حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس، ليتوانيا، العام الماضي، عانى من أعراض مماثلة.
والأدلة الجديدة التي تم الكشف عنها في تقرير مشترك من Insider وDer Spiegel وبرنامج 60 دقيقة على قناة CBS تشير إلى أن الوحدة 29155 التابعة لجهاز المخابرات العسكرية الروسية ربما كانت السبب وراء متلازمة هافانا، باستخدام الأسلحة الصوتية.
وتتولى وحدة الاستخبارات العسكرية الروسية المعروفة بسوء السمعة مسؤولية عملياتها في الخارج، وقد تمت إلقاء اللوم عليها في عدة حوادث دولية، بما في ذلك محاولة تسميم المنشق سيرجي سكريبال في المملكة المتحدة في عام 2018.
كما تم الإبلاغ عن متلازمة هافانا لأول مرة في عام 2016، حيث أبلغ دبلوماسيون في العاصمة الكوبية عن سماع أصوات غير عادية في الليل، وشعر موظفون في مواقع أخرى حول العالم، بما في ذلك واشنطن العاصمة، بأعراض تشمل نزيف الدم، والصداع، ومشاكل في الرؤية، وتجارب سمعية غير عادية أخرى.
ووفقًا لتقرير، تم توجيه الاتهام نحو أعضاء من فرقة التخريب التابعة للاستخبارات العسكرية الروسية المسؤولة عن الهجمات المشتبه بها على موظفي الحكومة الأمريكية في الخارج وأفراد أسرهم، مما أثار تساؤلات بشأن مدى تورط العاصمة الروسية.
ويظهر مرض متلازمة هافانا كإحدى استراتيجيات الحرب الهجينة الروسية، وإذا ثبتت وراءها أصابع الكرملين، فقد تكون هذه الحملة المستمرة على مدى عقد من الزمن واحدة من أهم الانتصارات الاستراتيجية لفلاديمير بوتين ضد الولايات المتحدة.
ووفقًا لموقع The Insider، حصل كبار أعضاء الوحدة على جوائز وترقيات سياسية نتيجة لعملهم في تطوير "الأسلحة الصوتية غير الفتاكة"، التي تشمل أجهزة الطاقة الموجهة الصوتية والترددات الراديوية.
كما يوثق التقرير العديد من الحوادث التي تعرض فيها كبار الموظفين الأمريكيين للأذى و"تحييدهم"، حيث أدت بعض هذه الإصابات إلى تغييرات جذرية في حياتهم وتقاعدهم المبكر أو عودتهم إلى الولايات المتحدة.
واعترفت جمعية الخدمة الخارجية الأمريكية في عام 2022 بأن متلازمة هافانا قد "أثرت بشكل كبير" على الروح المعنوية بين الدبلوماسيين الأمريكيين وأثرت على عمليات التوظيف.
وفي تقرير مشترك من The Insider، و60 Minutes، وDer Spiegel كشف كيف تم القبض على جاسوس روسي كان يعمل طاهيًا تنفيذيًا في مطاعم روسية بنيويورك وواشنطن العاصمة في عام 2020، وبعد استجوابه من قبل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي، أصيب العميل بمتلازمة هافانا.
بينما افترضت وسائل الإعلام أن الأعراض قد تكون نتيجة لسلاح طاقة موجهة، إلا أن تقريرًا جديدًا من سبع وكالات استخبارات أمريكية استبعد تدخل خصوم الولايات المتحدة في الحوادث المبلغ عنها، وقد رفضت روسيا هذا التقرير، معتبرة أن الاتهامات ليس لها أساس من الصحة.
وأعلنت المتحدثة باسم البنتاغون أن مسؤولًا في الوزارة عانى من أعراض متلازمة هافانا خلال قمة الناتو في عام 2023.
وتشير التقارير إلى حدوث حالات مشابهة في ألمانيا قبل عامين من الحالات في هافانا، مما يثير المزيد من الاهتمام بهذه الظاهرة.
وذكرت صحيفة نيويوركر في يوليو 2021 أن حوالي عشرين من ضباط المخابرات الأمريكية والدبلوماسيين وغيرهم من المسؤولين الحكوميين في النمسا قد أبلغوا عن مشاكل مشابهة لمتلازمة هافانا منذ تولي جو بايدن الرئاسة في نفس العام.
وأرسلت الولايات المتحدة خبراء طبيين وعلميين لدراسة الهجمات المزعومة، وتم فحص المتضررين منها على نطاق واسع لمحاولة فهم معاناتهم.
في عام 2021، أقر الكونغرس قانون هافانا، الذي سمح لوزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية والوكالات الحكومية الأخرى بتقديم تعويضات للموظفين وأسرهم الذين تأثروا أثناء أداء واجباتهم.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في عام 2022، بعد الإبلاغ عن حالات أخرى في نفس العام: "نحن نعمل بجدية عبر الحكومة بأكملها لكشف الحقيقة وتحديد المسؤولين، وفي الوقت نفسه نضمن الرعاية للمتضررين وحماية مواطنينا بأفضل طريقة ممكنة"، في باريس وجنيف.
وأفادت شبكة سي بي إس في تغريدة على تويتر بأن مكتب مدير المخابرات الوطنية قام بإحالة استفسارات صحفيي برنامج 60 دقيقة إلى التقرير السنوي لتقييم التهديدات لمجتمع الاستخبارات بشأن مؤشرات الذكاء الاصطناعي.
وحصلت الشبكة على بيانات من البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي تؤكد استمرار التحقيق في أسباب وآثار هذه الهجمات.
