صراع الحلفاء.. حرب أوكرانيا تتخذ مسارًا جديدًا
مارينا فيكتور مصر 2030باتت مرحلة صدام الحلفاء، مرحلة من المؤكد دخولها في الحرب الأوكرانية، إذ تتمسك كييف باستراتيجية "المكاسب الصغيرة"، فيما تشكك أمريكا في جدواها.
ويعتبر الأوكرانيون أن الدفاع عن أماكن ذات قيمة استراتيجية ضئيلة يستحق التكلفة من حيث الخسائر البشرية والأسلحة، لأن الروس يدفعون ثمناً أعلى في هذه المعارك، لكن ذلك يأتي عكس الرغبة الأمريكية.
قتال على مرحلتين
واحتدم القتال في منطقة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، لمدة 10 أشهر حتى الآن، على مرحلتين: أولاً مع القوات الأوكرانية التي كانت في موقع الهجوم، والآن باتت في مرحلة الدفاع، بعد تصعيد روسيا هجماتها على المنطقة، بعد أن حققت أوكرانيا مكاسب الصيف الماضي.
ووصف المحللون العسكريون، استراتيجية أوكرانيا بثلاث كلمات "الاحتفاظ (بالمكاسب السابقة) والبناء والضرب"، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
نصف دائرة
وفي زابوريجيا، كان هذا يعني الدفاع عن المنطقة التي سيطرت عليها في الهجوم المضاد في الصيف الماضي، وهي عبارة عن نصف دائرة بعمق 10 أميال تضغط على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
وفي الطرف الجنوبي من نصف الدائرة، تقع قرية روبتاين، والتي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها في الصيف الماضي في ذروة الهجوم المضاد الذي لم يفشل في تحقيق اختراق كبير فحسب، بل ترك الروس في وضع قوي بما يكفي لبدء الضغط عبر الجبهة الجنوبية.
وفي هذا السياق، يمكن أن تتعرض القوات الأوكرانية التي تحتل هذا الجيب في خط المواجهة، للهجوم من ثلاث جهات، مما يخلق معضلة.
وعلى الرغم من أن التخلي عن هذا الجيب من شأنه أن يخفف الضغط على القوات الأوكرانية، إلا أنه قد يشير أيضًا إلى انتكاسة رمزية في الحرب، حيث تفقد أوكرانيا الأراضي التي اكتسبتها العام الماضي وسط ارتفاع تكلفة الضحايا وتدمير الأسلحة.
وفي مقابلة أجريت معهم الأسبوع الماضي، وصف الجنود الذين قاتلوا هناك مؤخراً، حدوث تأرجح في مسار القتال في كلا الاتجاهين، وتفوق المدفعية الروسية عليهم بشكل كبير.
وقال الجنرال إيفان هافريليوك، نائب وزير الدفاع، لوسائل الإعلام الأوكرانية، يوم الإثنين الماضي، إن روسيا تطلق بشكل عام على طول خط المواجهة سبعة أضعاف قذائف المدفعية التي تطلقها أوكرانيا.
وأثبتت الأسلحة الأمريكية التي تم التبرع بها للهجوم المضاد، في العام الماضي، بما في ذلك مركبات سترايكر المدرعة، فائدتها في حماية الجنود من هذه الهجمات أثناء الدفاع.
لكن السياسة الأمريكية تهدد الآن إمدادات الأسلحة، إذ تعثرت حزمة مساعدات عسكرية ومالية قيمتها نحو 60 مليار دولار في الكونغرس الأمريكي منذ أشهر بسبب اعتراضات من بعض الجمهوريين.
رمز استراتيجي
ومثل باخموت وأفديفكا في مراحل سابقة من الحرب، أصبحت بروبتاين، التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 500 شخص، مجرد أطلال.
وطوال فترة الحرب، أثار المسؤولون الأمريكيون مراراً وتكراراً المخاوف من أن أوكرانيا صمدت لفترة أطول مما ينبغي في الدفاع عن مثل هذه الأماكن الثلاثة، وألزمت الجنود والذخائر بالتشبث بالمدن المدمرة التي لا قيمة استراتيجية لها.
لكن بالنسبة لأوكرانيا، تظل المنطقة المحيطة بروبتاين، مناطق تستحق القتال من أجلها، على الأقل في الوقت الحالي.
وقال يوري ساك، المستشار السابق لوزير الدفاع الأوكراني، عن القتال في هذه القرية: "في مرحلة ما، يصبح الرمز استراتيجيًا"، مضيفا أن الدفاع عن مكاسب الهجوم المضاد "مهم للروح المعنوية، ومهم لدعم السكان، ومهم للإيمان الداخلي بقدرتنا على الفوز".
وأوضح ساك أن القتال أيضًا أكثر تكلفة من حيث الخسائر البشرية بالنسبة للروس المهاجمين مقارنة بالأوكرانيين في مواقعهم الدفاعية.
ومضى قائلا "طالما استمرت هذه الحسابات، فإنها تدعم الثبات على الأرض. إنها الحرب، لذا فإن الخسائر في كلا الجانبين أمر لا مفر منه".