غرب دارفور.. كيف تحولت إلى ثكنة للنساء المغتصبات من حرب السودان؟
عبده حسن مصر 2030تتجمع مجموعة من النساء مرتين في الأسبوع في منزل عادي في أردمتا، على مشارف الجنينة في ولاية غرب دارفور في السودان، ليتبادلن قصصهن، ويشاركن البكاء، ويشربن القهوة.
وتعمل النساء، اللاتي يعملن أو اعتادن العمل في مجال التعليم، جميعهن ناجيات من حملة اغتصاب وانتهاكات جنسية مستهدفة عرقيًا نفذها مقاتلون من الميليشيات العربية المدعومة من قوات الدعم السريع شبه العسكرية في 5 نوفمبر، بعد سقوط الجيش، حامية في أرداماتا، بحسب "جارديان".
فأغلب ضحايا حملة الاغتصاب كانوا من قبيلة المساليت، وهي قبيلة أفريقية ذات بشرة داكنة، وكانت تشكل الأغلبية في منطقة الجنينة قبل أن يتم طردهم بشكل كبير خلال القتال الذي اندلع في أبريل الماضي.
وتأسست مجموعة الناجين على يد مريم عبد الكريم (اسم مستعار)، معلمة عربية سابقة في مدرسة ثانوية، بدون تمويل أو تدريب مهني.
وتعرضت لاغتصاب جماعي في 5 نوفمبر على يد رجال رأوها تحمل ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات، الذي يمتلك بشرة داكنة بسبب انفصال زوجها عنها.
وعبد الكريم قالت إنها توسلت للرجال ليتركوا ابنها لكنهم هددوا بقتله، وفي اليوم التالي، عاد الرجال وهددوا باختطاف أطفالها وأجبروها على حزم ممتلكاتها.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع عشرات النساء وبعض الرجال من المنطقة، وأكدوا تعرضهم للاعتداءات الجنسية في نوفمبر، والزعماء العرب في المنطقة نفوا مزاعم الاغتصاب.
كما أن الرجال الذين جاءوا للقتل كانوا يبحثون عن "رفاق"، وهو وصف لأعضاء جماعات المساليت المسلحة، أعضاء هذه الجماعات نفذوا عمليات اغتصاب ضد طلاب في الجنينة في أبريل الماضي.
وفي إبريل، تسارعت الأحداث في السودان حيث اشتعلت التوترات الطويلة المستمرة بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، متحولة إلى مواجهات عنيفة في شوارع العاصمة الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد.
وفي دارفور، اتخذ الصراع طابعًا مختلفًا، حيث شنت قوات الدعم السريع هجمات وحشية على المدنيين الأفارقة، بما في ذلك عرقية المساليت، مستمرة في تنفيذ حملة الأرض المحروقة التي بدأتها ميليشيا الجنجويد منذ عقود.
كما أن تقرير لخبراء الأمم المتحدة، نقلته وكالة أسوشيتد برس في 1 مارس، كشف عن انتشار واسع للعنف الجنسي من قبل قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، حيث تعرضت نساء وفتيات للاعتداء الجنسي، بما في ذلك حالات اغتصاب داخل منشأة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
وزهرة آدم، رئيسة مركز نسائي في مخيم للاجئين في تشاد، أدلت بشهادتها لصحيفة The Guardian، حيث أشارت إلى دخول الضحايا إلى المركز بحثًا عن الطعام، لكنهم تعرضوا جميعًا للاغتصاب بينما كانوا هناك.
وقصة امرأة تبلغ من العمر 27 عامًا تروي تعرضها للاعتداء الجنسي على يد رجال من ميليشيا عربية في حيها بالجنينة في يونيو.
وبعد فقدانها للكثير من الدم، اعتقد المهاجمون أنها ماتت، مما منعهم من ارتكاب المزيد من الاغتصاب.
فيما امرأة أخرى تقول إنها تعرضت للاعتداء الجنسي في منزلها بسبب اكتشاف مهاجمها لصورة زواجها التي تظهر زوجها من أصل أفريقي، فأجابوها بأنها يجب أن تطلب المساعدة من "الرفاق" بدلاً منهم.
وفولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في السودان، أكد أن العنف الجنسي كان جزءًا حقيقيًا ومشينًا من الصراع في البلاد، مع وثائق تشير إلى مئات الحالات المرتبطة بالنزاع، تشمل أكثر من 120 ضحية، مع تحفظه على أن هذه الأرقام قد تكون دون تمثيل كامل للواقع.
كما أن التقارير تفيد أن رجالًا يرتدون زي قوات الدعم السريع ومقاتلين تابعين لهم مسؤولين عن معظم الحالات الموثقة من العنف الجنسي.
وصندوق الأمم المتحدة للسكان يشير إلى أن الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعنف الجنسي يمكن أن تمنع توثيق الحالات بشكل كامل، ويؤكد أن آثار هذا النوع من العنف على الناجين تشمل الأذى الجسدي والنفسي وحالات الحمل غير المرغوب فيه والإصابة والوفاة.
أما عبد الكريم، فقد قدم مأوى للجيران خلال الحرب، لكنها تمكنت من حماية البعض منهم عن طريق إخفاءهم وطلب من النساء الأخريات إرضاع الأطفال ليصبحوا مثل عائلتها، مما جعل المهاجمين يظنون أنهما متزوجتان ويتركونهم دون إيذاء.