22 أبريل 2025 05:04 23 شوال 1446
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
دين وفتاوى

كفارة اليمين الغموس

قرآن كريم
قرآن كريم

يتساءل العديد من المسلمين عن الأحكام الفقهية والخاصة بالعبادات، والعقائد، وفي إطار اهتمامنا بالإجابة على تساؤلات القرَّاء؛ وعليه ردت دار الإفتاء المصرية على السؤال التالي: هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟

أجابت دار الإفتاء، عبر موقعها الرسمي، قائلة: اليمين الغموس حرام شرعًا، وهي من الكبائر باتفاق الفقهاء، والأحوط الأخذ بمذهب مَن يرى فيها الكفارة خروجًا من الخلاف، وتمشيًا مع أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، ومقدار الكفارة إطعام عشرة مساكين لكلِّ مسكينٍ، وأما قبول التوبة فإنها على حد اليقين لمَن طلب مِن الله تعالى المغفرة بصدقٍ وإخلاصٍ؛ حيث قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].

الحِلْفُ والحَلِف: القَسَم لغتان، وحلَف، أي: أقسم، والحَلِف: اليمين، واصطلاحًا: تحقيق الأمر أو توكيده بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته، كما في "روضة الطالبين" للنووي (11/ 3، ط. المكتب الإسلامي).

فإن كان الحَلِفُ على إثبات شيءٍ أو نَفيِه، مع تعمُّد الكذب فيه -كما في واقعة السؤال- فإنَّه يُسمَّى يمين غموس، وسُميت غموسًا؛ لأنها تغمس صاحبها في النار، كما في "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (7/ 373، ط. دار البشائر).

قال أبو العباس الحموي في "المصباح المنير" (2/ 453، ط. المكتبة العلمية): [واليمين الغموس -بفتح الغين- اسم فاعل؛ لأنَّها تغمس صاحبها في الإثم؛ لأنَّه حلف كاذبًا على علمٍ منه] اهـ.

وقال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 130، ط. مكتبة الرشد): [اليمين الغموس: هو أن يحلف الرجل على الشيء وهو يعلم أنَّه كاذب؛ ليرضي بذلك أحدًا، أو يقتطع بها مالًا] اهـ.

حكم الحلف بالله كذبا

اليمين الغموس حرامٌ -وهي كبيرة من الكبائر- باتفاق الفقهاء، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، كما في "بداية المبتدي" للمرغيناني (ص: 96، ط. صبح)، و"الفواكه الدواني" للنفراوي (1/ 412، ط. دار الفكر)، و"أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (4/ 241، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"المغني" لابن قدامة (9/ 496، ط. مكتبة القاهرة).

وذلك لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ» أخرجه البخاري.

قال الإمام ابن الجوزي في "كشف المشكل" (4/ 121، ط. دار الوطن): [اعلم أنَّ المذكور من الكبائر في هذا الحديث كأنَّه أمَّهات الكبائر] اهـ.

مذهب جمهور الفقهاء في حكم الكفارة في اليمين الغموس

قد اختلف الفقهاء حول وجوب الكفارة في اليمين الغموس: فذهب جمهور الفقهاء، من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى عدم وجوب الكفارة في اليمين الغموس؛ إذ هي أعظم من أن تُكَفَّر.

قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (3/ 108، ط. الأميرية): [وقال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما: كنا نعد اليمين الغموس من الكبائر التي لا كفارة فيها، وهو إشارة إلى الصحابة وحكاية لإجماعهم، ولأنها كبيرة محضة، والكفارة عبادة، فلا تناط بها كسائر الكبائر] اهـ.

وقال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (8/ 127، ط. دار المعرفة): [والتي لا تُكَفَّر اليمين الغموس، وهي المعقودة على أمرٍ في الماضي أو الحال كاذبة يتعمَّد صاحبها ذلك] اهـ.

وقال الشيخ الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 54، ط. دار الفكر): [اليمين الغموس لا كفارة فيها] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص: 633-634، ط. المكتبة التجارية): [وإنَّما قلنا: إنَّ الغموس لا كفَّارة فيها خلافًا للشافعي، لقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَان﴾ وهذه محلولة غير منعقدة؛ لأنَّ المنعقدة ما أمكن حله إذا انعقد، لأنَّ العقد في مقابلة الحل، والماضي واقع على وجه واحد لا يمكن تغييره، ولأنَّها يمين لا يتأتَّى فيها بِرٌّ ولا حنث كاللغو، ولأنَّ الكفارة معنى يرفع حكم اليمين، فلم تتعلق بالحلف على الماضي، أصله الاستثناء، ولأنَّ الحنث مخالفة الشيء المحلوف عليه لليمين، وذلك يقتضي تقديم اليمين ليصح وصف الفعل إذا وقع بأنَّه حنث، ومتى تأخَّرت عنه وقع عاريًا من الحكم له بذلك، فلا يصير محكومًا له من بعد] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 496): [(ومن حلف على شيءٍ، وهو يعلم أنَّه كاذب، فلا كفَّارة عليه؛ لأنَّ الذي أتى به أعظم من أن تكون فيه الكفارة)، هذا ظاهر المذهب، نقله الجماعة عن أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم: ابن مسعود، وسعيد بن المسيب، والحسن، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والليث، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة] اهـ.

واستدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما المتقدم، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإثم فيها ولم يذكر كفارة، ولو كانت الكفارة متعلِّقة بتلك اليمين لذكرها، كما في "التوضيح" لابن الملقن (30/ 320، ط. دار النوادر).

بناءً على ذلك: فإن اليمين الغموس من الكبائر، والأحوط الأخذ بمذهب مَن يرى فيها الكفارة خروجًا من الخلاف، وتمشيًا مع أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، ومقدار الكفارة إطعام عشرة مساكين لكلِّ مسكينٍ، وأما قبول التوبة فإنها على حد اليقين لمَن طلب مِن الله تعالى المغفرة بصدقٍ وإخلاصٍ؛ حيث قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].

كفارة اليمين الغموس اليمين كفارة اليمين

مواقيت الصلاة

الثلاثاء 05:04 صـ
23 شوال 1446 هـ 22 أبريل 2025 م
مصر
الفجر 03:48
الشروق 05:21
الظهر 11:54
العصر 15:30
المغرب 18:26
العشاء 19:48
click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here
البنك الزراعى المصرى
banquemisr