الامتناع عن بيع السلع انتظارا لارتفاع أسعارها.. «الأزهر والإفتاء» يؤكدون: المحتكر ملعون


الإحتكار.. يُعد الإحتكار من الأمور المحظورة، حيث يؤكد الدين على مفهوم العدالة الإقتصادية والتعامل النزيه في التجارة.
يحث الإسلام على تجنب استغلال السلع أو الخدمات لرفع الأسعار بطرق غير مشروعة، ومن يخالف ذلك تصب عليه لعنة المولى عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المحتكر ملعون".
الإسلام نهى عن الإحتكار
وقد نهى الشرع عن الإحتكار وحرَّمه؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ» رواه الإمام أحمد في "مسنده".
وتعرض بوابة مصر 2030 خلال السطور التالية أراء علماء الأزهر ودار الإفتاء، حول الامتناع عن بيع السلع انتظارا لارتفاع أسعارها.
المحتكر مطرود من رحمة الله
في البداية، أوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، حكم الإحتكار والمحتكر من وجهة نظر الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أن احتكار السلع يؤثر على جميع الأفراد بغض النظر عن ديانتهم.
وأشار "وسام" إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث شريف: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليُغْلِيَه عليهم فإن حقًّا على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة".
وأضاف أمين الفتوى، لـ مصر 2030: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: المحتكر ملعون، أي مطرود من رحمة الله، والجالب مرزوق، أي الذي يسهل على الناس الحصول على السلع بأسعار معقولة، فليكن الله منحازًا له".
واختم الشيخ أحمد وسام، قائلاً: "إذا كنت ترغب في النجاح والرزق من الله، فسهل على الناس الوصول إلى السلع بأسعار معقولة، فسييسر الله أمورك".
حكم الإحتكار
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، إن فعل التاجر الذي احتكر سلعًا بهدف رفع الأسعار يعد عملاً محرمًا ومجرمًا، مستندًا إلى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "المحتكر ملعون والجالب مرزوق".
وأشار كريمة في حديثه لـ "مصر 2030 " إلى أنه يتوجب على التاجر الكفارة، بالتوبة إلى الله، وبعد ذلك العمل على توفير السلع بأسعار تتناسب مع السوق، مع التأكيد على عدم رفع الأسعار بشكل مفرط، مؤكدًا: "من رفق بالناس رفق الله به".
من يقوم بتخزين السلع ملعون
وقال الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء دار الإفتاء، إن سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ابلغنا أن من يقوم بتخزين السلع والاحتكار، هو ملعون، لأنها تؤدى إلى فساد المجتمعات، لافتا إلى أن الاحتكار يتسبب فى أن الناس تتكسب فى بعضها وأقواتها.
وتابع، في تصريح له: "أوعى تفتكر إنك هتأخد الرزق بشطارتك أو باحتكارك، أو بخداعك الناس ربنا هو الرزاق، وفي السماء رزقكم".
وأضاف: "لما تكذب وتخدع وتغش الناس، هتكسب فلوس وكل حاجة بس هتكون ملعون من الله، ولا يبارك الله فى رزقك"، مستشهدا بحديث سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم: " البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا -أوْ قالَ: حتَّى يَتَفَرَّقا- فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَتَما وكَذَبا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِما.".
لماذا حرم الإسلام الإحتكار
وكان مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف حدد في فتوى سابقة أسباباً شرعية توضح لماذا حرم الإسلام الاحتكار، موضحا أنه ضار بالمجتمع ويدمر الأوطان.
ورصد المجمع، في بيان فتواه، 5 أسباب توضح وجهة نظر الشرع، جاءت في النقاط التالية:
1ـ سبب رئيس لرفع الأسعار في السوق.
2ـ. يقتل روح المنافسة التجارية الشريفة.
3ـ يتسبب في عدم تكافؤ الفرص بين التجار والمستثمرين.
4ـ. يسهم في انتشار الأسواق السوداء، واستغلال حاجات الناس.
5ـ. يساعد على انتشار الكثير من الأمراض الاقتصادية والاجتماعية مثل: البطالة، والتضخم، والكساد، والرشوة.
دار الإفتاء توضح حكم التجار الذين يستغلون حاجة الناس
قالت دار الإفتاء، أن التجار الذين يستغلون حاجة الناس ويحتكرون السلع ويبيعونها بأسعار مبالغ فيها آثمون شرعًا؛ لما يترتب على هذا الاستغلال من إلحاق الضرر بالناس والتضييق عليهم، وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا، وقد نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عن الإضرار".
وأوضحت دار الإفتاء أن الأصل في البيع حِلُّه وإباحته؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، إلَّا ما نَهَى الشارع عنه من بعض الممارسات التي قد تضرُّ بمصالح المتبايعين؛ ومن تلك الممارسات "الاحتكار"، والذي هو حبسُ كلِّ ما يضرُّ العامّةَ حبسُه؛ وذلك عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقِلُّ بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لندرتها، ويصيب الناسَ بسبب ذلك الضررُ، وقد نهى عنه الشارع وحرَّمه؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ» رواه الإمام أحمد في "مسنده"، ومسلم في "صحيحه"، وأبو داود والترمذي –وصححه- وابن ماجه والدارمي في "سننهم"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"شعب الإيمان".
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً، يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ خَاطِئٌ» أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي.
وقد حمل جمهور الفقهاء هذه الأحاديث وغيرها على الحرمة، وأَبْلَغ الأحاديث في النهي عن الاحتكار حديث معمر رضي الله عنه؛ فإنه قد اشتمل على صيغة النفي؛ وذلك في قوله: «لَا يَحْتَكِرُ» فنفى الاحتكار عن كل أحد إلا الخاطئ، واشتمل أيضًا على معنى النهي، فجمع بين النفي والنهي، وهذا أبلغُ في التحريم من النهي منفردًا، ومعناه أنه لا ينبغي لأحد أن يفعل هذا، والخاطئ -بالهمز كما في الحديث- هو الآثم العاصي.
قال الإمام النووي الشافعي في "شرح النووي على مسلم" (11/ 43، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أهل اللغة: الخاطئ بالهمز هو العاصي الآثم، وهذا الحديث صريحٌ في تحريم الاحتكار] اهـ.
لكن هذا التحريم لا يثبت إلا بشروط، يكاد أن يتفق الفقهاء على ثلاثة منها، وهي: الشراء وقت الغلاء، والمراد بالشراء شراء السلعة الموجودة في البلد، والحبس مع تربص الغلاء، وإحداث ضرر بالناس جراء الحبس، فإذا اختلَّ واحد من هذه الثلاثة فلا يكون احتكارًا.
وعلى ذلك: فمَنْ يَسْتَغل ظروف الناس ويحتكر السلع ويبيعها بهذه الأسعار المبالغ فيها فقد ارتكب مُحرَّمًا؛ للضرر الناجم عن استغلاله احتياج الناس إلى مثل هذه السلع، فهو يضرُّ الناس ويضيِّق عليهم، وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الإضرار.