حكم صيام الإثنين والخميس بنية القضاء أو النفل


تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالاً من أحد متابعيها، أجاب عليه فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، تقول السائلة: ما حكم من تصوم الإثنين والخميس على نية إن كان بقي عليها من القضاء شيء فهو قضاء وإلا فهو نفل؟.
حكم صيام الإثنين والخميس بنية القضاء
وأجاب "علام"، في فتوى سابقة له على الموقع الرسمي لدار الإفتاء، قائلاً: صيام يومي الإثنين والخميس على نيةِ إن كان بقي من صيام القضاء شيءٌ فيكون قضاءً، وإلَّا فهو نفلٌ -يقع عن القضاء إن كان في الذمة قضاءُ صيامٍ واجبٍ.
وتابع: وإن لم يكن ثمةَ صيام واجب فيقع هذا الصيام نفلًا، ومع ذلك ينبغي ألَّا يكون ذلك عادةً مطردةً في جميع صيام هذين اليومين؛ بل لا بد من تحري الأيام التي وجب قضاؤها فيما مضى، بحيث يكون الصوم بنية جازمة إما للقضاء وإما للنفل؛ إبراءً للذمة، وسدًّا لباب الشَّكِ والوسواس والتردد في العبادة.
مدى اشتراط النية في صيام الفرض والنفل
وأوضح مفتي الجمهورية، مدى اشتراط النية وتعيينها في صيام الفرض والنفل، قائلاً: الأصل أنه يشترط في قضاء الواجب أو النذر أو الكفارة الجزم بالنية وتعيينها وتبييتها، بأن ينوي قبل الفجر أنه صائم غدًا عن رمضان، ولا يشترط هذا في صوم النفل أو السنن الراتبة كيومي الإثنين والخميس، ولأنَّ الصوم في الأيام المذكورة منصرف إليها بل لو نوى به غيرها حصل أيضًا.
قال العلامة علاء الدين السمرقندي في "تحفة الفقهاء" (1/ 349، ط. دار الكتب العلمية): [صوم الدَّين من القضاء والنذور المطلقة والكفارات إذا نوى خارج رمضان مطلقًا ولم ينوِ صوم القضاء أو الكفارة فإنه لا يقع عنه؛ لأن خارج رمضان متعين للنفل عند بعض مشايخنا، وعند بعضهم هو وقت الصيامات كلها على الإبهام، وإنما يتعين بالتعيين؛ فكانت نية الوصف لتعيين الوقت لا لتصير عبادةً] اهـ.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 85، ط. دار الكتب العلمية): [ولو نوى بصومه قضاء رمضان والتطوع كان عن القضاء في قول أبي يوسف. وقال محمد: يكون عن التطوع، وجه قوله: أنَّه عَيَّن الوقت لجهتين مختلفتين متنافيتين فسقطتا للتعارض، وبقي أصل النية وهو نية الصوم، فيكون عن التطوع. ولأبي يوسف: أنَّ نية التعيين في التطوع لغو فلغت، وبقي أصل النية فصار كأنه نوى قضاء رمضان والصوم، ولو كان كذلك يقع عن القضاء] اهـ.
وقال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (2/ 127، ط. دار الفكر): [(وصحته) أي: الصوم (مطلقًا) عن تقييده بكونه فرضًا مشروطة (بنية)، أي: قصد الصوم، ولو لم يستحضر كونه قربة لله تعالى، ويحتاج الفرض لنيته، فإن نوى الصوم وشك هل نواه نفلًا أو قضاءً أو وفاءَ نذرٍ: انعقد تطوعًا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 297، ط. دار الفكر): [ولو كان عليه قضاء فقال: أصوم غدًا عن القضاء أو تطوعًا، لم يجزئه عن القضاء بلا خلاف؛ لأنه لم يجزم به، ويصح نفلًا إذا كان في غير رمضان، هذا مذهبنا] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 411، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(فصل: ويجب) في الصوم (نية جازمة معينة) كالصلاة، ولخبر: «إنما الأعمال بالنيات»، ومعينة بكسر الياء؛ لأنها تعين الصوم، وبفتحها لأن الناوي يعينها ويخرجها عن التعلق بمطلق الصوم، وجميع ذلك يجب (قبل الفجر في الفرض) ولو نذرًا أو قضاء أو كفارة] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 479، ط. عالم الكتب): [(وإذا نوى خارج رمضان) صومًا (وقضاءً ونفلًا) فنفل، (أو) نوى قضاءً و(نذرًا، أو) نوى قضاء و(كفارة نحو ظهار فـ) هو (نفل) إلغاءً للقضاء والنذر والكفارة؛ لعدم الجزم بنيتها فتبقى نية الصوم] اهـ.
وقال العلامة أبو النجا الحجاوي ببطلان القضاء وعدم صحة النفل، فقال في "الإقناع" (1/ 309، ط. دار المعرفة): [ولو نوى خارج رمضان قضاءً ونفلًا، أو نوى الإفطار من القضاء ثم نوى نفلًا، أو قَلَبَ نية القضاء إلى النفل: بَطَل القضاء ولم يصح النفل؛ لعدم صحة نَفْلِ مَن عليه قضاء رمضان قبل القضاء] اهـ.
ووقوعه نفلًا في حال تردد النية هو معتمد المذهب عند الحنابلة؛ قال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 363-364، ط. دار الكتب العلمية) شارحًا له: [(ولو نوى خارج رمضان قضاء ونفلا أو نوى الإفطار من القضاء ثم نوى نفلا أو قلب نية القضاء إلى النفل بطل القضاء)؛ لتردده في نيته أو قطعها، (ولم يصح النفل؛ لعدم صحة نفل من عليه قضاء رمضان قبل القضاء)، وفي "الفروع" و"التنقيح" و"المنتهى": يصح نفلًا. وقد ذكرت كلام المصنف في "حاشية التنقيح" في ذلك في الحاشية، وما يمكن أن يجاب به عنه] اهـ.