«لا ماء لا طعام».. المجاعة تقترب من اجتياح قطاع غزة
عبده حسن مصر 2030تعتبر الجهات الإغاثية في غزة أن أزمة الجوع قائمة بالفعل، حيث يتنازل الأهالي عن أجزاء من طعامهم لإطعام أطفالهم، وتصل تكلفة التفاحة إلى 8 دولارات، ويكاد يكون من الصعب العثور على الوقود اللازم للطهي.
وأفادت وكالات الأمم المتحدة أن غزة تحتاج بشكل حاد إلى مزيد من المساعدات الإنسانية، فيما أعلنت السلطات الفلسطينية ارتفاع عدد القتلى في القطاع نتيجة للهجوم الإسرائيلي إلى أكثر من 24 ألف شخص.
وأصدر برنامج الأغذية العالمي واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية بيانًا مشتركًا يدعو إلى فتح ممرات إنسانية جديدة إلى غزة، وتمكين مزيد من الشاحنات من الدخول يوميًا، وتيسير تحرك عمال الإغاثة والباحثين عن مساعدة بأمان.
ورغم عدم توجيه اللوم مباشرة لإسرائيل، أشارت الوكالات إلى أن تعثر تسليم المساعدات بسبب قلة المعابر الحدودية المفتوحة، وبطء عمليات فحص الشاحنات والبضائع المتجهة إلى غزة، إضافة إلى استمرار القتال، فالنزاع الحالي الذي تشنه الاحتلال ضد المقاومة الفلسطينية في غزة، نتيجة للهجوم الذي شنته المقاومة في 7 أكتوبر أسفر عن وفاة 1200 شخص، معظمهم من المدنيين.
وهذا الصراع تسبب في تدمير هائل في مساحات واسعة من القطاع وتشريد معظم سكانه، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، واضطروا للتنقل خمس أو ست أو سبع مرات، فقدوا ممتلكاتهم وأموالهم أثناء بحثهم عن الأمان.
وفي رفح وخان يونس جنوب غزة، تغطي الخيام والمساكن المؤقتة كل الأراضي المتاحة، حيث يعيش العديد من العائلات في المدارس التي تديرها الأمم المتحدة أو يلجأون إلى الملاجئ.
ويواجه النازحون نقصًا حادًا في الطعام والماء، بالإضافة إلى ظروف بيئية قاسية، حيث يشكو النازحون من البرد الشديد، ويقول محمد كحيل، النازح من شمال غزة إلى رفح: "نحن نعاني من البرد بشكل كبير".
وتتحدث الأمم المتحدة عن ضرورة زيادة المساعدات، ولكن الأهالي في غزة يشيرون إلى عدم رؤيتهم لأي تحسن باستثناء بعض الفواكه بأسعار باهظة، كما يواجهون تحديات خاصة في تأمين الغذاء ويحاولون تقليل كميات الطعام بسبب عدم اليقين حيال متى سيصل المزيد.
ويحذر الأطباء هناك من تأثير نقص الغذاء على الأطفال، مشيرين إلى حالات وفاة بسبب انخفاض حرارة الجسم، وخاصة بين الأطفال حديثي الولادة.
ويؤكد تيس إنجرام من اليونيسيف أن الأطفال يموتون بسبب الأوضاع الإنسانية الصعبة وتأثيرات القتال المباشر، كما أن النازحون يعانون من نقص الأموال بعد ثلاثة أشهر من الحرب، حيث يصعب عليهم حتى شراء الاحتياجات الأساسية لصنع الخبز، فأسعار الدقيق ارتفعت إلى 50 دولارًا لخمسة وعشرين كيلو جرامًا، وهو ستة أضعاف من سعرها قبل الحرب، بينما ارتفع سعر الملح بنسبة 1800%، والوقود الوحيد المتاح هو الخشب المقطوع من الأشجار الحية، وهو باهظ الثمن ويحترق بشدة، فتصبح وصول وكالات الإغاثة إلى شمال غزة أكثر صعوبة بسبب القتال المستمر، ويعيش 300,000 شخص في هذه المنطقة بين الأنقاض.
وتظهر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي المئات يتسابقون إلى شاحنة تجلب الطعام، ومسؤول يقول: "لم تصل أي مساعدات تقريبًا، والكثيرون لا يستطيعون أو لا يرغبون في مغادرة منازلهم منذ اليوم الأول".
وأعلنت الأمم المتحدة أعلنت أن من ربع قوافل المساعدات وصلت إلى الشمال في يناير بسبب منع السلطات الإسرائيلية لمعظمها من الوصول، فيما اتهم الاحتلال الأمم المتحدة ومنظمات أخرى بالتسبب مشاكل في توصيل المساعدات، مزعمة أن الإمدادات "تتراكم" في غزة.
وأكد العقيد موشيه تيترو، رئيس وحدة جيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤولة عن إيصال المساعدات الإنسانية، عدم وجود نقص في الغذاء وأن "الاحتياطيات في غزة كافية على المدى القريب"، وأشار مسؤولون بالأمم المتحدة إلى تحديات لوجستية في نقل المساعدات عبر غزة، ولكن مستودعاتهم كانت فارغة تقريبًا في عطلة نهاية الأسبوع.
وتشير تقديرات من خبراء IPC إلى أن واحدة على الأقل من كل أربع أسر في غزة تواجه "نقصًا حادًا في الغذاء والجوع والإرهاق" وذلك خلال ثلاثة أسابيع، وفي تقرير سابق من مبادرة IPC توقع أن غزة ستشهد أعلى نسبة للأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمان الغذائي الحاد، وتصنفها على أنها الأعلى في أي منطقة أو بلد تم تقييمه من قبل الوكالة.
وقد أعلنت السلطات الفلسطينية عن وفاة 132 شخصًا يوم الاثنين، مما يرفع إجمالي القتلى منذ بداية الحرب إلى 24100.
وتقول وزارة الصحة، إن ثلثي الشهداء في الحرب كانوا من النساء والأطفال، فيما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدافه لنشطاء في خان يونس وشمال غزة، مركزي الهجوم البري الحالي، مع استمرار التوسع في السيطرة، وأفادت المقاومة الفلسطينية بأن مستشفيين ومدرسة للبنات وعشرات المنازل تعرضت للأضرار.
وفي مستشفى الأقصى بوسط غزة، تكدست الجثث يوم الأحد، حيث يعبر الناس عن حزنهم وصدمتهم. يقول هشام أبو سويح، الذي فقد أحد أفراد عائلته: "كنا نجلس بسلام عندما أصابنا الصاروخ".
وتلقي جيش الاحتلال الإسرائيلي باللوم على المقاومة الفلسطينية في ارتفاع عدد القتلى المدنيين، مؤكدًا أنها تستخدم المنشآت المدنية عمدًا وتستخدم السكان كدرع بشري، بينما تنفي حماس هذه الاتهامات.