إغراق أنفاق حماس.. هل تتحول لعملية «إبادة جماعية» لقطاع غزة؟
عبده حسن مصر 2030كشفت تقارير بريطانية، عن خطط للجيش الإسرائيلي في غزة، تهدف إلى إغراق أنفاق حركة حماس، التي تمتد تحت القطاع، باستخدام مياه البحر المالحة، مما يمثل تهديدًا لتدمير البنية التحتية الحيوية في القطاع بشكل كامل.
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنَّ خبيرًا هيدرولوجيًا بارزًا حذّر من أن إغراق الأنفاق التي تديرها حماس تحت قطاع غزة بمياه البحر يشكل تهديدًا للبنية التحتية الحيوية، محذرًا من أن الخطة الإسرائيلية قد تكون جزءًا من جريمة إبادة جماعية.
كما حذر خبراء البيئة من أن هذه الاستراتيجية، التي لم تتبعها إسرائيل بعد، قد تتسبب في كارثة بيئية تتمثل في نقص المياه الصالحة للشرب في غزة وتدمير جزء صغير من القطاع الزراعي القليل الذي يمكن الاستفادة منه، الذي يمتد على مساحة 141 ميلاً مربعًا.
وشبه المقرر الخاص للأمم المتحدة بيدرو أروغو أغودو هذا الإجراء بـ "أسطورة تمليح الرومان لحقول قرطاج" لتجعل الأراضي غير صالحة للسكن لمنافسيهم القدماء، وأكد مقرر حقوق الإنسان والبيئة ديفيد بويد أن الأذى للمصدر الوحيد للمياه في غزة سيكون "كارثيًا" على البيئة وحقوق الإنسان.
ووفقًا للتقارير الإعلامية والصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية، نصب الجيش الإسرائيلي مضخات في مخيم الشاطئ للاجئين على الساحل الشرقي لقطاع غزة، قادرة على ضخ ملايين الغالونات من مياه البحر إلى الأنفاق التي يستخدمها مقاتلو حماس.
وبدأ الجنود الإسرائيليون تجربة ضخ مياه البحر إلى الشبكة الجوفية الأسبوع الماضي في محاولة لطرد مقاتلي حماس وحرمانهم من أداة استراتيجية أثناء المواجهات مع القوات الإسرائيلية.
وتشير دراسة أجرتها الأكاديمية العسكرية الأمريكية ويست بوينت إلى وجود 1300 نفق يمتدون على مسافة 310 أميال (500 كيلومتر) في غزة في بداية الحرب في أكتوبر، وتقديرات تشير إلى أن الأمر سيستغرق 1.5 مليون متر مكعب من المياه لملئها بالكامل، وهو ما قد يتسبب في عواقب بيئية كارثية على المدى البعيد.
وقال مارك زيتون، مدير مركز جنيف للمياه وأستاذ في معهد جنيف للدراسات العليا، إن ضخ مياه البحر في الأنفاق التي تتقاطع مع التربة الرملية في غزة سيؤدي بالتأكيد إلى تسربها إلى طبقة المياه الجوفية، والتي يعتمد عليها سكان القطاع، وهي المصدر الرئيسي لمياههم وتشكل 85% من إمداداتهم المائية لمدة تزيد عن 20 عامًا.
وأوضح زيتون، الذي عمل كمهندس مياه لدى الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، أن طبقة المياه الجوفية ملوثة بشدة بالفعل نتيجة للصرف الصحي وتسرب مياه البحر الناجم عن الاستخراج المفرط.
وحذر قائلاً: "إذا تم ضخ مياه البحر مباشرة في طبقة المياه الجوفية، فلن يكون الأمر مجرد تحويل لمورد عالي الجودة إلى ضعيف، بل سيتحول المورد الضعيف إلى مصدر كارثي... ستكون الدرجة من التلوث كبيرة لدرجة أن أساليب تحلية المياه الحالية للسكان في غزة لن تكون فعالة بعد ذلك."
وأضاف: "هذا سيؤدي إلى تدمير الظروف المعيشية للجميع في غزة... وأعتبر ذلك عنصراً من عناصر 'الإبادة الجماعية' حسب تعريف الأمم المتحدة، وهو التدمير الجزئي أو الكامل للظروف الحيوية الأساسية لأي مجتمع."
وأشار إلى أن ضخ مياه البحر في طبقة المياه الجوفية العذبة يتعارض مع كل المعايير التي طورتها البشرية، بما في ذلك القوانين البيئية في القانون الدولي الإنساني، ومبادئ حماية البيئة في النزاعات المسلحة، مع التقدم نحو تجريم الأضرار التي تلحق بالبيئة، والتي تعرف أيضًا بـ "الإبادة البيئية".
ووفقاً للتقارير الواردة والتي لم يتم التحقق منها، يُشير وجود حوالي 20 ألف غالون من الوقود المخزن في الأنفاق، ما ينذر بتأثيرات سلبية إذا اندفعت تلك المواد الهيدروكربونية نحو التربة وطبقة المياه الجوفية.
وزويغننبرغ حذر من أن غمر الأنفاق قد يعرض سلامة الأرض التي يقوم عليها مجتمعات غزة، المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية، للمخاطر، حيث إنهار ما يقع تحت المناطق المبنية يمكن أن يتسبب في انهيار المباني الموجودة في السطح أيضاً.
كما تشير الأوضاع في غزة إلى عدم قدرة إعادة شحن طبقة المياه الجوفية بشكل كاف لتلبية الطلب المتزايد، نتيجة لزيادة عدد السكان وتأثيرات التغير المناخي مثل الجفاف والارتفاع في درجات الحرارة.
وفي النزاع الأخير، تم استهداف محطات تحلية المياه والبنية التحتية المختلفة لمعالجة المياه، مما أدى إلى تصريف النفايات إلى البحر.
كما أفاد برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة أنه تلقى تقارير تفيد ببدء إسرائيل في ضخ المياه إلى أنفاق غزة، وأشار متحدث رسمي إلى أنه يتعين حماية طبقة المياه الجوفية الساحلية التي تُعَد خزانًا طبيعيًا تحت الأرض.