«مسح الهوية الثقافية».. حرب من نوع آخر لإسرائيل على غزة
عبده حسن مصر 2030يتأثر قطاع غزة الفلسطيني بشكل شامل بالحرب الإسرائيلية، حيث ترى آثارها في النزوح الجماعي وتدمير الآلاف من المباني، بما في ذلك المؤسسات الثقافية والمكتبات.
ورغم أن آلة الدمار لم تأخذ حيزًا كبيرًا من التخريب والمسح الهويّة الثقافية للمدينة، فإن تقريرًا نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، يسلط الضوء على حجم الدمار في قطاع غزة والمباني الثقافية المستهدفة خلال الحرب الأخيرة، مما يجعل كل منها يحمل رمزية خاصة.
فمن بين هذه المباني المستهدفة، كانت مكتبة بلدية غزة ومركز رشاد الشوا الثقافي الذي شهد لقاءً تاريخيًا قبل 25 عامًا بين الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
واليوم، أصبح هذا المركز خرابًا، وكومة من الأنقاض التي تحوي آلاف الكتب القيمة والوثائق التاريخية، نتيجة القصف الإسرائيلي الذي استهدف كل ما في غزة.
حيث تأسست مكتبة بلدية غزة عام 1999 وفقًا للموقع الإلكتروني للبلدية، وذلك من خلال اتفاقية توأمة مع مدينة دونكيرك الفرنسية وبتمويل من البنك الدولي.
تمتد المكتبة على طابقين وتحوي ما يقارب 10,000 مجلد باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
كما تعرض مركز "رشاد الشوا" الثقافي ومكتبة ديانا تماري، التي افتتحت في عام 1988، للتدمير والخراب.
وكان هذا المركز الثقافي يشهد لحظات تاريخية هامة في مسار القضية الفلسطينية.
و في 15 ديسمبر 1998، تمت مشاهدة حدث مهم في هذا المركز عندما صوّت مئات الفلسطينيين أمام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لصالح إلغاء فقرات في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية التي دعت إلى تدمير إسرائيل، مما فتح الطريق للقاء التاريخي في معبر إيرز الذي جمع عرفات وكلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
فالحرب الإسرائيلية ألحقت أضرارًا بمتاحف وجامعات كثيرة في غزة، بما في ذلك الجامعة الإسلامية، التي وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها مركز لنشطاء حماس. في عام 2010، أظهر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وجود 13 مكتبة عامة في غزة، لكن معظمها كانت غير مجهزة بشكل جيد.
من بين الأهداف الأخرى للقصف الإسرائيلي كانت مكتبة المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد التي بنيت في عام 2017 بتبرع من أرملته مريم سعيد، وأحدث هذا القصف أضراراً بالمكتبة التي تحتوي على تراث ثقافي ثمين من الكتب والوثائق.
الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة، مؤسس مكتبة إدوارد سعيد، يشير إلى صعوبات استيراد الكتب إلى غزة بسبب الحصار، والتي يجب أن تتجاوز الضفة الغربية قبل وصولها إلى غزة، مما يجعل عملية الحصول على المواد الثقافية أمرًا صعبًا للغاية لسكان القطاع.
بالنظر إلى استمرار استهداف إسرائيل للمعالم الثقافية في غزة، دعت بلدية المدينة منظمة اليونسكو إلى حماية المؤسسات الثقافية في القطاع، مؤكدة على ضرورة حفظ هذا التراث الثقافي وتأمينه بموجب القانون الإنساني الدولي. اليونسكو عبرت عن قلقها العميق بشأن التأثير السلبي المحتمل للقتال على التراث الثقافي في فلسطين وإسرائيل، والذي يتسبب في نقص التمويل اللازم للحفاظ على هذه المكتسبات الثقافية.