«منطقة عازلة».. ماذا تعرف عن مُخطط إسرائيل الخطير في غزة؟
عبده حسن مصر 2030في ظل سعي تل أبيب لتجنب حدوث هجمات مستقبلية على أراضيها، كشف الاحتلال الإسرائيلي عن نية إنشاء منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وأفادت وكالة "رويترز" نقلاً عن ثلاثة مصادر إقليمية أن إسرائيل أعلمت دولاً عديدة بفكرة إقامة هذه المنطقة، بما في ذلك تركيا، وذلك في خطوة للتواصل مع دول غير المعتادة على الوساطة في مثل هذه القضايا مثل مصر وقطر.
لا تشير هذه المبادرة إلى اقتراب نهاية الهجمات الإسرائيلية التي استؤنفت بعد هدنة استمرت سبعة أيام، وتظهر فقط رغبة إسرائيل في تحديد الوضع في غزة بعد انتهاء النزاع.
ولم تُعرب أي دولة عربية عن استعدادها لإدارة غزة في المستقبل، وقد أدان معظمها بشدة الهجوم الإسرائيلي الذي أسفر عن سقوط أكثر من 15 ألف شخص وتدمير مساحات واسعة من المناطق الحضرية في القطاع.
وتزعم إسرائيل أن هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 200 آخرين.
مسؤول أمني إقليمي كبير، أحد المصادر الثلاثة التي طلبت عدم الكشف عن جنسياتها، صرّح لـ"رويترز" بأن "إسرائيل ترغب في إقامة المنطقة العازلة بين غزة وإسرائيل لمنع تسللات أو هجمات من جانب حماس أو أي مسلحين آخرين."
في رده على فكرة المنطقة العازلة، أشار أوفير فولك، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسياسة الخارجية، لـ"رويترز" بأن "الخطة تتضمن تفاصيل أكثر، مبنية على عملية متعددة المستويات لمرحلة ما بعد القضاء على حماس."
وأوضح أن هذه المستويات الثلاث تشمل تحطيم حماس، ونزع السلاح من غزة، ومحاولة القضاء على التطرف داخل القطاع، مشيرًا إلى أن "المنطقة العازلة قد تكون جزءًا من هذه العملية."
وبالرغم من ذلك، رفض الكشف عن تفاصيل حول مشاركة شركاء دوليين، بمن فيهم دول عربية، في هذه الخطط.
من جهتها، تعارض الدول العربية الهدف الإسرائيلي من القضاء على حماس، معتبرة أنها كيان أكبر من مجرد قوة مسلحة يمكن القضاء عليها.
إشارة إلى ماضيها، أبدت إسرائيل سابقًا نية دراسة إنشاء منطقة عازلة داخل غزة، لكن المصادر تؤكد الآن استعراضها ضمن خططها الأمنية المستقبلية للقطاع. وقد انسحبت القوات الإسرائيلية من غزة في 2005.
وأكد مسؤول أمريكي مجهول الهوية أن "إسرائيل طرحت فكرة المنطقة العازلة دون تحديد الجهة التي عرضتها عليها"، مع تأكيده مجددًا رفض واشنطن لأي مبادرة قد تؤدي إلى تقليص المساحة الفلسطينية.
عبرت الأردن ومصر ودول عربية أخرى عن قلقها من مخاطر طرد إسرائيل للفلسطينيين من غزة، مشيرة إلى مخاوف من تكرار حالة مصادرة الأراضي التي شهدتها فلسطين عام 1948 عند إعلان قيام دولة إسرائيل. وتنفي الحكومة الإسرائيلية أي هدف من هذا القبيل.
وأكد مصدر أمني إسرائيلي كبير أن "فكرة المنطقة العازلة قيد الدراسة"، مشيرًا إلى عدم وضوح مدى عمق هذه المنطقة داخل غزة في الوقت الراهن، سواء كانت تصل إلى كيلومتر واحد أو أكثر.
أي توغل داخل قطاع غزة الذي يمتد لنحو 40 كيلومترًا، قد يؤدي إلى محاصرة سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في منطقة ذات مساحة أصغر.
تُقود مصر وقطر جهود الوساطة مع إسرائيل، تركز على إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس مقابل إفراج إسرائيل عن الفلسطينيين المحتجزين في سجونها.
قدَّمت إسرائيل فكرة نزع السلاح من شمال غزة وإنشاء منطقة عازلة في هذا الجزء من القطاع، تحت إشراف دولي، خلال محادثات الوساطة التي تقودها مصر وقطر، وفقًا لمصدرين أمنيين مصريين.
وأشارت تلك المصادر إلى تعارض عدة دول عربية لهذه الفكرة، مشيرة إلى أن الدول العربية قد توافق على إنشاء حاجز أمني بين الجانبين، لكن يظل هناك خلاف حول موقع هذا الحاجز.
وأكد المصدران المصريان على أهمية تأجيل مناقشة هذه القضية إلى مرحلة ما بعد النزاع، لتجنب عرقلة مسار المحادثات المتعلقة بإطلاق سراح المحتجزين.
من جانبه، رفض مصدر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على هذه التقارير، مؤكدًا أن مجلس الحرب الإسرائيلي برئاسة نتنياهو حدد المهام العسكرية، وتتضمن تلك المهام تدمير حركة حماس وإعادة المحتجزين الإسرائيليين إلى بلادهم، ومواصلة العمليات العسكرية حتى تحقيق أهدافها.
وأشار أحد المصدرين المصريين إلى تغيُّر موقف إسرائيل في المحادثات مع مصر وقطر، من التركيز السابق على الرد على الهجمات إلى استعداد أكبر لإعادة النظر في مطالبها بينما تواصل الوساطة.
أشبهت المصادر الإقليمية فكرة إنشاء منطقة عازلة في غزة بـ"المنطقة الأمنية" التي أنشأتها إسرائيل في جنوب لبنان، والتي تخلت عنها في عام 2000 بعد سنوات من الصراع والاشتباكات مع حزب الله اللبناني.
توضح تلك المصادر أن خطة إسرائيل لما بعد الحرب في غزة تتضمن الطرد الكامل لقادة حماس، وهو إجراء يشبه الحملة التي قامت بها إسرائيل في لبنان في الثمانينيات، عندما طردت قادة منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تنفذ هجمات على إسرائيل من لبنان.
مسؤول إقليمي مطلع على المحادثات أشار إلى استعداد إسرائيل لتكبد تكلفة باهظة لطرد "حماس" بشكل نهائي من غزة إلى دول أخرى في المنطقة، على غرار ما فعلته في لبنان. لكنه أوضح أن التخلص من حماس يُعتبر أمرًا صعبًا وغير مضمون.
وأكد مسؤول إسرائيلي كبير أن إسرائيل لا تنظر إلى حماس بنفس الطريقة التي نظرت بها إلى منظمة التحرير الفلسطينية، ولا تعتقد أن سيناريو تصرفات حماس سيكون مماثلاً لتلك التي قامت بها المنظمة الفلسطينية.