«بلوكات».. لماذا قسّم الجيش الإسرائيلي قطاع غزة
مارينا فيكتور مصر 2030نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي خريطة قسّم من خلالها قطاع غزة من شماله إلى جنوبه إلى "بلوكات" أي مربعات بلغ عددها أكثر من 2300 بلوك صغير، وتم إبلاغ السكان المدنيين للانتباه إليها وحفظها كل على حدى لاعتبار يتعلق بـ"متطلبات المرحلة القادمة" من الحرب.
وقال الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي في تصريحات صحفية، إن الأرقام الموجودة في الخريطة تمثل الأحياء السكنية، وقد يطلب من سكان حي معين إخلاءه والتوجه إلى حي آخر.
وأضاف أن "كل رقم يدل على أحد الأحياء المعروفة لدى سكانها"، مشددا على أن "الهدف من ذلك هو منع حصول إجلاء لمساحات بعيدة، وأن يكون النزوح من حي إلى آخر ولفترات مؤقتة".
وأشار أدرعي أيضا إلى أن "إسرائيل لا تطلب من سكان غزة مغادرة القطاع بل مغادرة الأماكن التي تجري فيها عمليات عسكرية والإخلاء من مناطق القتال يتم من أجل التمييز بين المدنيين والمسلحين".
واستهدفت الضربات الجوية التي نفذها الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة على غزة عدة مناطق في جنوب القطاع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص غالبيتهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
ورغم أن المفاوضات المتعلقة بالهدنة ما تزال قائمة ويجري خوضها من جانب الوسطاء، تشير تصريحات المسؤولين الإسرائيليين إلى أن المرحلة الثالثة من الحرب في غزة قد بدأت، وهناك نوايا لبدء عملية عسكرية في جنوب القطاع، بعدما تركزت المرحلة الأولى في شماله.
لماذا التقسيم بـ"البلوكات"؟
ضمّن البيان الرسمي للجيش الإسرائيلي ربط تقسيم غزة كـ"بلوكات صغيرة" من أجل تحقيق هدف واحد هو الطلب من السكان للانتقال من واحد إلى آخر حسب متطلبات مرحلة الحرب، سواء على الأرض أو من الجو.
ومع ذلك قدم خبراء عسكريون ومسؤولون دفاعيون سابقون وجهات نظر ترتبط بما هو أبعد من ذلك.
وأوضح المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ديفيد دي روش أن تقسيم منطقة إلى "بلوكات" هو أشبه لما يسميه الجنود بـ"هندسة ساحة المعركة".
وتسمح هذه العملية بتخطيط ساحة العمليات بطريقة موحدة ومتماسكة، ويرتبط تطبيقها أيضا من أجل "عمليات الإغاثة في حالات الكوارث"، كما يقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون.
ويعتقد دي روش بالذاكرة إلى أربعينيات القرن الماضي، أن ساحة المعركة للهجوم على مانيلا (عاصمة الفلبين) عام 1945 تشابه إلى حد كبير ما يجري الآن في غزة، وما يحاول الجيش الإسرائيلي تطبيقه.
ويتابع أن "تقسيم البلوكات يسهل التحكم في الحركة وزيادة القوة العاملة والخدمات اللوجستية على الأرض بطريقة محكمة".
"على مراحل"
وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد التقى نتانياهو في القدس، يوم الخميس، مشددًا على ضرورة مراعاة الاحتياجات الإنسانية وحماية المدنيين في جنوب القطاع قبل أي عمليات عسكرية هناك.
وقبل وصوله مهدت الكثير من وسائل الإعلام الأمريكية إلى تحذيرات كانت أقرب للنصيحة، من بينها ما نقله موقع "أكسيوس" عن مسؤول لم يسمه.
وقال المسؤول الثلاثاء الماضي إن "إدارة بايدن تشعر بالقلق إزاء عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في جنوب غزة"، وإنها "أبلغت إسرائيل بأن النزوح الذي قد يحصل على إثرها سيتجاوز قدرة أي شبكة دعم إنساني".
وفي ذات الوقت أوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة حذّرت إسرائيل من أنها يجب أن "تقاتل بشكل جراحي (دقيق) في جنوب القطاع وتتجنب المزيد من التهجير الجماعي للفلسطينيين في حربها ضد حماس".
ويعتقد المسؤول السابق في "البنتاجون" دي روش أن "إسرائيل تخطط لتطهير شمال غزة من حماس، ثم الاحتفاظ بها بأقل قدر من القوة والمضي قدما لتطهير جنوب غزة"، و"لذلك ستكون العمليات على مراحل، وليست متزامنة".
ويقول أيضا إن "إسرائيل استمعت إلى نصيحة الولايات المتحدة، وتدرك أن الخسائر في صفوف المدنيين تؤدي إلى تآكل الدعم لها".