هل تتجه الأمور بين إثيوبيا وإريتريا إلى حرب جديدة موسعة؟
عبده حسن مصر 2030قبل عام، جرى لقاء بين مسؤولين من تيغراي وإثيوبيا في بريتوريا لتوقيع اتفاق يهدف لوقف الأعمال العدائية، وكانت الآمال تعلو أن تسفر اتفاقيات بريتوريا عن إنهاء الحرب في تيغراي التي أسفرت عن مصرع نحو 600 ألف شخص.
فمنذ ذلك الحين، استُغلت هذه الاتفاقيات من قبل الحكومات الإثيوبية والغربية والإفريقية لدعم فكرة أن الحرب في إثيوبيا قد انتهت وأن البلاد في طريقها لإعادة الإعمار.
واستند تطبيع الاتحاد الأوروبي مع حكومة أبي أحمد وتقديم حزمة منح بقيمة 600 مليون يورو إلى هذه الأفكار، ومع ذلك، يشير غويتوم غيبريلويل، باحث في الدراسات الأمنية الدولية بجامعة ييل، إلى أن الحقيقة هي أن الصراع الأهلي الإقليمي في إثيوبيا قد تغير مساره لكنه لم ينته بعد.
وأضاف في مقاله في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية أن الهدف الأساسي من اتفاقية بريتوريا كان تعديل تشكيلة التحالفات الاستراتيجية في القرن الإفريقي وإعداد المنطقة لحرب جديدة.
حيث تأتي التحالفات دورًا حاسمًا في الحرب الأهلية الإثيوبية منذ بدايتها، وكانت واحدة من مهام أبي أحمد عند توليه منصبه عام 2018 هي إحلال السلام مع إريتريا ومجموعات المعارضة المحلية، والتي رُحِّب بها على أنها خطوة جريئة نحو الديمقراطية والمصالحة الإقليمية، مما جعله فائزاً بجائزة نوبل للسلام تقديراً لدوره.
وكان أبي أحمد أسس تحالفًا إقليميًا لتعزيز نموذج قومي محدد في مختلف مناطق القرن الإفريقي، وداخل إثيوبيا، شكّل تحالفًا مع القوميين الإثيوبيين والأمهرة. وعلى المستوى الإقليمي، تحالف مع الرئيس الصومالي محمد عبد الله والرئيس الإريتري أسياس أفورقي.
وشهدت ولاية أمهرة الإقليمية وإريتريا دوراً محورياً في الجهود الحربية، حيث قدمتا مئات الآلاف من الجنود وجمعتا الأموال، وحشدتا سكانهما لمواجهة الضغوط الدولية.
فبعد مضي 4 سنوات من الصراع في مناطق أوروميا وبنيشانغول وتيغراي، أصبح واضحًا فشل جهود أبي أحمد في القضاء على القومية العرقية في إثيوبيا، مما أثر سلباً على الاقتصاد الإثيوبي والأجهزة الأمنية.
كما كان هناك معضلة أمامه، فعليه إما أن يتفق مؤقتاً مع القوى العرقية القومية أو أن يواجه انهيار إثيوبيا، فقرر التنازل وتحقيق سلام تكتيكي مع جماعات المعارضة الرئيسية في أوروميا، وأطلق سراح قادة مثل جوار محمد وبيكيلي جيربا في يناير 2022.
والمصالحة التكتيكية التي حدثت بين أبي أحمد ومنافسيه كانت تكتيكية ولم تؤدِّ إلى مصالحة صادقة، حيث خرق جميع الاتفاقات التي أبرمها مع إريتريا والأمهرة والقوميين الإثيوبيين، بما في ذلك السماح للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالاستمرار كحزب سياسي في إثيوبيا، والتنازل عن حل دستوري للنزاع الإقليمي في غرب تيغراي.
فبعد وضوح الحكومة الإريترية والقوميين الأمهرة بشأن عشرات الآلاف من القوات وتراكم التكاليف المالية الهائلة عليهم، رفضت ميليشيات الأمهرة اتفاقية بريتوريا، ورفضت مغادرة غرب تيغراي، وتواصلت في سياسة التطهير العرقي.
بالمقابل، بدأ رئيس الوزراء الإثيوبي تبني تدابير لمواجهة التهديد الجديد لسلطته، مع إعلانه في أبريل عن نزع سلاح القوات الإقليمية، مما أدى إلى تصاعد الصراع الواسع النطاق بين الجيش الإثيوبي وميليشيات الأمهرة التي تطورت قدراتها التنظيمية والقتالية.
وفي هذه الأثناء، استمر أسياس أفورقي، الرئيس الإريتري، في تقويض اتفاق السلام واحتلال شمال تيغراي، دون إعلان معارضته لاتفاقية بريتوريا، كما قام بتدريب وتسليح ميليشيات الأمهرة في الماضي.
والسعي وراء المطالب الإقليمية بناءً على حقوق تاريخية يمكن أن يعتبر انتهاكًا لقاعدة الحفاظ على حدود العصر الاستعماري من قبل منظمة الوحدة الإفريقية، ورغم ذلك، فإن هذا السياق كان من أبرز جدول أعمال السياسة الخارجية للحكومات الإثيوبية المتعاقبة، باستثناء الجبهة الديموقراطية الثورية للشعب الإثيوبي التي دعمت انفصال إريتريا عام 1933.
وبالتالي، يبدو أن آبي أحمد يجد دعمًا كبيرًا لأجندته الوحدوية في الشعب الإثيوبي، على الرغم من الآراء المتباينة حول ذلك، كما أن هناك عدة عوامل يمكن أن تمنع إثيوبيا وإريتريا من التصعيد إلى حرب واسعة النطاق.
والجيش الإثيوبي مشغول في منطقة الأمهرة ويتعافى من الصراع في تيغراي، كما فقد الجيش الإريتري جزءًا كبيرًا من قواته في الحرب الأخيرة، وربما لا يكون مهتمًا بمواجهة جيش إثيوبي قوي بقيادة قادة تيغراي المتمرسين، ومع ذلك، قد يؤدي التصعيد المتبادل إلى استخدام أحد الجانبين ضربة استباقية، مما يمكن أن يتطور إلى حرب شاملة، بالإضافة إلى ذلك، هناك مؤشرات على استعدادات للحرب مثل زيادة الشحنات العسكرية الواردة من الخارج وزيادة تعبئة القوات على جانبي الحدود.
في الصراع السابق بين إثيوبيا وإريتريا، استمر الصراع لمدة عامين وأسفر عن مقتل نحو 100 ألف شخص، وهذا الصراع الحالي قد يؤدي إلى أزمة تهدد بانهيار الدولتين وتشجيع الجهات الفاعلة الإقليمية على دعم أطرافها المحلية، وعلى الرغم من هذه التطورات المقلقة، فإن المجتمع الدولي لا يبدي اهتمامًا كافيًا بإثيوبيا وإريتريا والقرن الإفريقي بشكل عام.