بعد الهدنة.. هل يحدث تسوية دائمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
عبده حسن مصر 2030بعد التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن ووقف القتال، يدخل الوضع في غزة مرحلة جديدة.
وخلال الأيام الأربعة المقبلة، سيتم تبادل عشرات الرهائن، وسيمنح توقف القتال الأسرة الدولية فرصة للترويج لسلام مستقر ودائم في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
كما كتب مدير مركز ميتفيم، المؤسسة الإسرائيلية للسياسات الخارجية الإقليمية، رويي كيربيك في "غارديان" البريطانية: "نحن على مفترق طرق، حيث يجب علينا إما مواصلة النزاع أو السعي نحو تسوية دائمة".
وشكل هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، تحدٍّيا كبيرًا للفكرة السائدة بأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يمكن إدارته بكلفة بسيطة، وقام بإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة.
كما قوّض الاعتقاد بأن إسرائيل قادرة على الاندماج في الشرق الأوسط مع تجاهل المطالب الفلسطينية.
ويسود الآن رأي مشترك في المجتمع الإسرائيلي أن "إدارة النزاع" لم تحقق نجاحًا، وبدلاً من ذلك، هناك حاجة إلى حل دائم.
وفي هذا الوقت، توجد أسباب لإدارة النزاع بدلاً من البحث عن حلول دائمة، وهذا يناسب بعض اللاعبين الرئيسيين.
كما أن الحكومتان الأمريكية والبريطانية تواجهان انتخابات عام 2024، وتكون ملتزمتان بالتعامل مع الحرب في أوكرانيا، وتحتاجان أيضًا إلى تحقيق الاستقرار وخفض أسعار الطاقة.
وفي السياق نفسه، تواجه القيادات العربية العديد من التحديات الداخلية، ولذلك، يمكن أن يساعد الهدوء النسبي في الأراضي الفلسطينية على تهدئة الشارع.
ويمكن لحماس أن تستمتع بمواصلة الصراع ضد إسرائيل من دون مواجهة سياسية فعّالة، مما قد يمنح الشرعية للسلطة الفلسطينية، ويعزز المعتدلين السياسيين، ويهدد في نهاية المطاف سلطتها.
بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، نتنياهو، راضيًا عن إدارة النزاع، لأن أي محاولة لحله قد تشكل تهديدًا لاستقرار ائتلافه الحاكم واستمراريته.
ويعتمد ائتلافه وقيادته على دعم الحركة الاستيطانية المتطرفة، وهي الجماعة التي تعارض أي اتفاقات تسوية مع الفلسطينيين، وتعتبر حماس عائقًا لعملية السلام.
وبهذا السيناريو، يمكن أن يشهد الجانبان عودة النزاع بشكل أقل حد، كما سيبقى الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لفترة طويلة، مواصلاً قتال حماس، وستقتصر الصراعات على قطاع غزة فقط. وبمرور الوقت، سيتكيف الجمهور مع هذه الوضعية، وستبدأ أنظار العالم بالانتقال إلى أماكن أخرى، حتى الانفجارات التالية في غزة، الضفة الغربية، أو لبنان، حيث ستعود الأخبار لتجذب اهتمام العالم مرة أخرى."
وفي ظل غياب الإرادة والقدرة من الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية لتغيير الوضع الحالي، تقع مسؤولية حل النزاع على الأسرة الدولية بقيادة الولايات المتحدة.
لكي تحقق ذلك، ينبغي على المجتمع الدولي أن يتبنى سلسلة من الخطوات الرئيسية.
أولاً وقبل كل شيء، يجب تحديد الهدف النهائي الذي ينص على تنفيذ حل الدولتين ويتماشى مع المبادرة العربية للسلام، وضبط جدول زمني لتحقيق ذلك، ويمكن تحقيق هذا من خلال قرار من مجلس الأمن.
ثانياً، وبأهمية بالغة، يجب أن يقود الرئيس الأمريكي جو بايدن عملية دبلوماسية شاملة من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى رئيسية، مثل هذه الخطوة ستمنع الرجوع إلى الماضي وتعزز الثقة في أي عملية سلام مستقبلية.
وبدون شك، تقديم الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية يُعَد الهدف الأساسي الذي سيمكن من خطوة حاسمة لتحقيق السلام، وهو إنشاء نظام فلسطيني مؤقت بموافقة الأسرة الدولية.
وعندما يكون هناك هدف محدد ومقبول عالميًا لتحقيق حل الدولتين، يمكن تشكيل قوة دولية مشتركة من دول العالم العربي والغربي لتدريجياً استبدال الجيش الإسرائيلي في غزة وتولي مسؤولية الأمن والتنمية هناك.
وعبر تحديد طريقة لتحقيق حل الدولتين، ستوافق الدول الأوروبية والعربية على الاستثمار في البنية التحتية والمؤسسات الفلسطينية، مما سيقود إلى تأسيس الدولة الفلسطينية.
كما يصبح من الواضح أن لا أحد سيكون راغبًا في استمرار تقديم الدعم المالي إلى غزة إذا استمرت سياسات إدارة النزاع كما هي، وإذا كانت البنية التحتية تحتاج إلى إعادة بناء دوري بعد كل جولة من الصراع.
وخلص الكاتب إلى أن غياب قادة مؤهلين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية يعني أن تحقيق السلام يُعَد مسؤوليةً تتقاسمها إدارة بايدن والأسرة الدولية، ويجب على بايدن أن يتخذ الخطوات اللازمة للوفاء بوعوده.