بدعم من إدارة بايدن.. كيف صنعت إسرائيل روايتها لتبرير اقتحام مستشفى الشفاء؟
عبده حسن مصر 2030بعد عملية "طوفان الأقصى" التي كبدّت الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة ورد تل أبيب بشن عملية برية في القطاع، لجأت إلى حيلة توظيف "حماس" المستشفيات والمدارس لأغراض عسكرية، تلمح تصريحات دولة الاحتلال إلى استعدادها لاحتمال اقتحام هذه المنشآت بحجة القضاء على الفصائل الفسطينية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً.
ووفقًا لتقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، أكد مسؤولون إسرائيليون وجود مركز قيادة لحماس تحت مستشفى الشفاء في غزة، دون تقديم دلائل علنية كافية، مما يُعد المشفى هدفًا عسكريًا محتملاً، بغض النظر عن دوره كملاذ آمن للمرضى والمدنيين.
بعد تأكيد المسؤولين الأمريكيين لادعاءات إسرائيل حول النشاط المسلح في مستشفى الشفاء، قامت القوات الإسرائيلية بعملية دهم وصفت بأنها دقيقة وموجهة ضد حماس في منطقة محددة.
كما أفاد العاملون أن الجنود دخلوا غرف الطوارئ ووحدة أمراض القلب في المستشفى، مع سماع دوي إطلاق نار في مناطق مكتظة بالجرحى.
حيث تأتي هذه العملية العسكرية الإسرائيلية، التي جرت في وقت متأخر من ليلة الثلاثاء، 14 نوفمبر، كتتويج لأسابيع من الإعلانات الإسرائيلية حول ادعاءات تسلل حماس إلى مستشفيات غزة واستخدامها لأغراض عسكرية.
ولمح المسؤولون الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا في المؤتمرات الصحفية والمقابلات الإعلامية من أن المرافق الطبية تستخدم لأغراض عسكرية، مع التركيز على مستشفى الشفاء كمركز لقيادة حماس العسكرية في شمال غزة.
ويشير القانون الإنساني الدولي إلى حماية المستشفيات كأماكن محمية، ولا يمكن خرق هذه الحماية إلا في ظل ظروف استخدام المنشأة لأغراض عسكرية، وحتى في حالة التجاوز، يظل رعاية المرضى ذات أهمية كبرى.
كما زعم الجيش الإسرائيلي وجود أدلة دامغة من خلال نشر مقاطع فيديو وصور يوم الأربعاء، 15 نوفمبر، من داخل مستشفى الشفاء، حيث أظهرت اللقطات ما قال إنه أسلحة لحماس ومعدات أخرى تم استخراجها من المستشفى، مع تركيز كبير على وحدة الأشعة المجاورة لغرفة الطوارئ.
وفي أحد المقاطع، قام المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بجولة داخل المبنى، يظهر من خلالها أماكن قال إنها استخدمت حماس لإخفاء حقائب السفر.
وأبدى أحد كبار المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية، بريان فينوكين، والمستشار القانوني السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، استغرابه من تركيز العمل العسكري الإسرائيلي على مستشفى الشفاء، وأشار إلى أن الأسلحة التي تم العثور عليها قد لا تبرر هذا التدخل العسكري، حتى وإن تم تجاهل القانون الدولي والإنساني.
وعلى الجانب الآخر، نفى الأطباء والعاملون في المستشفى بقوة أي استخدام للمنشأة لأغراض عسكرية، أكد الدكتور أحمد مخللاتي أنهم كانوا فقط مجموعة من المدنيين والأطباء وأنهم لم يروا أي شخص يحمل سلاحًا داخل المستشفى.
وقد أظهرت الصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية التي تم نشرها انهيار المستشفى منذ بداية الحرب، حيث تم تحويل الممرات إلى غرف عمليات وأجريت العمليات الجراحية دون تخدير، في أدلة تفند أكاذيب المحتل الصهيوني الغاشم.
وتعرض الأطفال للخروج من حاضناتهم، وعندما نفد وقود المولدات وانقطعت الكهرباء، اتخذ الأطباء قرارات صعبة بشأن من يجب إنقاذهم.
ةعلى مدار أسابيع، حثت إسرائيل المدنيين وفرق الإنقاذ على إخلاء مستشفى الشفاء، لكن الأطباء رفضوا ترك مرضاهم، رغم ذلك، قام آلاف النازحين بمسيرة جنوبًا، في حين تضاءلت قدرة المستشفيات الأخرى على تقديم الرعاية.
وفي الأيام الأخيرة، لم تعد بعض المستشفيات قادرة على استيعاب المزيد من المرضى، بما في ذلك مستشفى الرنتيسي للأطفال، حيث نشر الجيش الإسرائيلي مقاطع فيديو تدعم مزاعمه بشأن استخدام المستشفيات كملاذ للمسلحين.
وتعبر المصادر الصحفية عن دعم واسع النطاق من قِبَل مسؤولين أمريكيين لادعاءات إسرائيل حول المستشفيات، ولكنهم تجنبوا الخوض في التفاصيل، وفقًا لما صرح به مستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
وبعد تصريحات بايدن حول ضرورة حماية المستشفيات، تغير موقف الإدارة الأمريكية، مُعلنة أن لديها معلومات تثبت استخدام حماس للمستشفى كمركز للقيادة والسيطرة، ووصفت ذلك بأنه جريمة حرب وفقًا للمتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي، مستشهدًا بمعلومات استخباراتية رفعت عنها السرية.
وأشاروا خبراء إلى أن استراتيجية إدارة بايدن كانت ملفتة للنظر، مُوضحين أن رفع السرية عن المعلومات الاستخبارية قبل العملية العسكرية المحتملة كان غير عادي.
وكل ذلك وسط تأكيدات من الحكومة الإسرائيلية بأن العملية داخل مستشفى الشفاء تمت وفقًا للقانون الدولي، مُبررة ذلك بإطلاق تحذير مسبق لحماس بضرورة إخلاء أي مواقع داخل المستشفى.