المدن الطينية شاهدة على العصور الإغريقية في سيوة
سيوة.. «قلعة شالي» التي تُوج فيها الإسكندر الأكبر فأصبحت مزارًا للسائحين


حين تأتي في مخيلتك يذهب عقلك مباشرة نحو أشجار النخيل المتعانقة حول بحيرات الماء العذبة والمالحة والكثبان الرملية العملاقة وأطلال المدن الطينية المتبقية التي تشهد على شهرة وعلو شأن هذا المكان منذ العصور الإغريقية الرومانية، وحتى الآن؛ إنها «سيوة» أو «شالي» كما كانوا يطلقون عليها في العصر الفرعوني، تلك المدينة العتيقة التي يوجد بها قبر الإسكندر الأكبر كما يقال، والتي فرضت نفسها منذ أكثر من 20 عامًا بين أفضل الأماكن السياحية في مصر؛ ما جعل المسئولين يهتمون بها كمدينة سياحية يتهافت عليها السائحون من داخل وخارج مصر، وخصوصًا في وقت الربيع أو الخريف، الذي يقوم فيه أهلها باحتفالاتهم حين يكون القمر مكتملًا وتكون درجة حرارة الجو معتدلة.
يتميز مناخ سيوة بأنه مناخ قاري شديد البرودة شتاءً وشديد الحرارة صيفًا ومعتدل في الربيع والخريف، ولا سيما أنها تقع في قلب صحراء مصر الغربية، على مسافة 820 كيلومترًا جنوب غربي القاهرة قرب الحدود مع ليبيا، وواحة سيوة هي الأبعد بين الواحات الأخرى، البحرية والفرافرة والداخلة والخارجة.
ظلت بسكانها شبه منفصلة عن مصر إلى أواخر القرن التاسع عشر، وقد زادت عادات وتقاليد أهلها المختلفة عن بقية سكان مصر بجانب لغتهم الخاصة بهم من انجذاب السياح إليها؛ ما شجع السلطات المصرية على اتخاذ خطوات تسهل زيارة تلك البقعة في الأرض الحمراء.
تحتوي «سيوة» على عدة معالم أثرية يرجع تاريخها إلى العصر الفرعوني والروماني، ومن أهم المعالم السياحية والأثرية بها معبد جوبيتر آمون، ومعبد الخزينة، وجبل الموتى الذي يضم مقابر فرعونية ترجع إلى الأسرة الـ26، كذلك القاعدة التي تُوج فيها الإسكندر الأكبر.
وعلى الرغم من أنها تحتوي على أماكن أثرية ذات طابع خاص؛ فإن طبيعة رمالها وأرضها قد جعلت منها مزارًا سياحيًّا واستشفائيًّا لدى الكثير، حيث تمتاز الواحة برمالها البيضاء الساخنة التي لها من الخواص ما يجعلها قادرة على علاج الكثير من الأمراض الروماتيزمية وآلام المفاصل وآلام العمود الفقري. أما أهم العيون والآبار في سيوة فهي حمام كليوباترا وعين العرايس وفنطاس وملول والحموات، كما تمتاز بمناخ جاف طوال العام.
والمياه الساخنة بالواحة تنقسم إلى نوعين مياه ساخنة عادية ومياه ساخنة كبريتية كتلك التي تتوافر فيها، وتلك المياه الكبريتية تُستخدم علميًّا على نطاق واسع في العالم حيث تتم معالجة نوع خاص من الطين بهذه المياه ويتم استخدامها في علاج الكثير من الأمراض الجلدية ومشكلات البشرة، كما يمكن استخدامها أيضًا في علاج الجهاز التنفسي.
عامل الطقس له دور في غاية الأهمية حيث يتميز بالجفاف وخلوه من الرطوبة؛ ما يساعد كذلك على عمليات الاستشفاء والعلاج خاصة ممن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي.
كما أثبتت الدراسات والأبحاث أن الرمال الموجودة بجبل الدكرور بمنطقة سيوة تحتوي على إشعاعات تساعد في علاج مرض الروماتيزم وشلل الأطفال والصدفية والجهاز الهضمي، حيث يفد إليها عدد كبير من السائحين العرب والأجانب وكذا المصريين للدفن بها للاستشفاء خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام، كما أن عين كيفار تماثل منطقة بئر «كارلد فيفارى» أحد المنتجعات العالمية التي تُستخدم في العلاج وأحد مصادر الدخل السياحي لجمهورية التشيك.
من أجل هذه الميزات تعتبر واحة سيوة منتجعًا طبيعيًّا للاستشفاء وقبلة لطالبي العلاج، وقد اكتشف القدماء منذ القدم مقومات السياحة العلاجية في تلك الواحة، كما أنها بشهادة المتخصصين عالميًّا تعد المكان الأمثل في العالم لهذا النوع من العلاج.
وعلق «أحمد صلاح» أحد أهالي سيوة قائلًا: «عندما تستقر بالواحة فإنك ستتعرف إلى أروع واحات مصر من حيث جمال الطبيعة الجذابة بما فيها من هضاب ورمال وتاريخ والثقافة غير المعروفة لدى الكثير من المصريين والعرب الآن.
وتابع: «سيوة مرت بحقب تاريخية عديدة ومتناهية في القدم؛ حيث إن أهل واحة سيوة ذات أصول متعددة، وأبرزها الأصل الأمازيغي، وهي تتبع لمصر منذ القدم وغيرها من الأصول الأخرى، إذا نظرت لكل شخص منهم فستري فيهم ملامح متعددة قد يرجع كل منها إلى عرق ما يختلف عن الآخر، ولكن هذه الواحة وطبيعتها جمعت الأعراق والأجناس ليكونوا بما يعرف اليوم بسيوة وأهلها السيويين الذين عاشوا لفترة داخل قلعة شالي، والذين يتحدثون اللغة السيوية الخاصة بمنطقة سيوة، ويمارسون عادات خاصة بسيوة».
وأشار «صلاح» إلى أن أبرز ما يميز سيوة زيها الخاص ومشغولاتها اليدوية المشهورة عالميًّا، بالإضافة إلى العادات واللغة وجمال الطبيعة وسحر الرمال التي تعتبر من عناصر ثروة سيوة الثقافية والبيئية، بجانب الثروة التاريخية القديمة جدًّا، التي جعلت منها مقصدًا للمستثمرين والسياح العرب والأجانب.