حكاية أول برلمان مصري.. «أسسه محمد علي عام 1824 وبدأ تشكيله تحت مسمى المجلس الأعلى»
طارق المصري مصر 2030مر مجلس النواب المصرى بمراحل كثيرة منذ نشأته فى عهد محمد على عام 1824، وحتى الآن.
ويرصد موقع "مصر 2030" مراحل تطور مجلس النواب المصرى من خلال هذا التقرير
المجلس الأعلى
في مايو 1805 قام علماء الدين في الأزهر بقيادة الثورة الديمقراطية الناضجة التي شهدتها مصر، وشاركت جميع فئات المجتمع في تلك الثورة التي أطلق قادتها على محمد علي والي مصر وتم فرضه على السلطان العثماني، وكان محمد علي قد تعهد بالولاء للشعب على أساس مبدأ الأمة هي مصدر السلطة، وتنص هذه الشروط على أنه يدير العدالة وينفذ الأحكام والتشريعات ولا يتصرف إلا بعد التشاور وإلا سيتم إزالته.
وبعد تولي محمد على السلطة مباشرة بدأ ثورة إدارية شاملة بهدف إنشاء مؤسسات حديثة بما في ذلك مجلس تمثيلي.
في عام 1824 تم تأسيس المجلس الأعلى وقد كانت البداية الحقيقية لمجلس تمثيلي تم انتخاب أعضائه جزئياً ومثلوا جميع فئات الشعب. في البداية كانت تتألف من 24 عضوًا ثم 48 عضوًا بعد إضافة 24 شيخًا في جامعة الأزهر وتم اختيار اثنين من التجار من قبل التجار ورئيس العاصمة والمحاسبين واثنين من الشخصيات البارزة من كل محافظة تم انتخابهم من قبل الجمهور.
في يناير 1825 أصدر المجلس الأعلى قانونًا أساسيًا، وذكرت أن وظيفتها هي مناقشة ما اقترحه محمد علي أو فيما يتعلق بسياسته الداخلية ، كما ينص النظام الأساسي على مواعيد وإجراءات الجلسة.
مجلس التشاور
في عام 1829 أدى نجاح المجلس الأعلى في أداء مهامه إلى إنشاء مجلس التشاور الذي كان نقطة الانطلاق لنظام الشورى (التشاور)، وتألفت من موظفين حكوميين رفيعي المستوى والعلماء والشخصيات البارزة برئاسة إبراهيم باشا نجل محمد علي.
وكان هذا المجلس بمثابة جمعية عامة تتألف من 156 عضوًا، 33 منهم من الموظفين رفيعي المستوى والعلماء و24 من مدراء المقاطعات و99 من كبار الشخصيات المصرية الذين انتخبهم الشعب.
عقد مجلس الاستشارات جلساته لتقديم الاستشارات في مجالات التعليم والإدارة والأشغال العامة، وفي عام 1830 صدر النظام الداخلي للمجلس وفي عام 1833 أصدر المجلس قانونًا خاصًا لاستكمال نظامه الداخلي وتنظيم العمل ذي الصلة.
وفي عام 1837 أصدر محمد علي القانون الأساسي للولاية الذي وضع عنوانًا فرعيًا للمجلس الاستشاري مع المجلس التشريعي الخاص والمجلس التشريعي العام لمناقشة المسائل التي أحالتها إليها الحكومة، ثم تم تشكيل مجلس الوزراء من سبع حافظات أساسية.
المجلس الإستشاري التمثيلي
شهد عام 1866 التطور الأكثر أهمية في الحياة البرلمانية المصرية عندما أنشأ خديوي إسماعيل مجلس النواب الاستشاري، حيث كان هذا المجلس الأول مع وظائف تمثيلية.
وصدر مرسوم الخديوي بشأن إنشاء هذا المجلس في نوفمبر 1866، والذي تضمن النظام الدائم لقواعد وإجراءات المجلس، وتألف النظام الدائم من ثمانية عشر مادة حددت النظام الانتخابي ومتطلبات أهلية المرشحين وشروط الجمعية التشريعية، وشملت كذلك التحقيق في الشؤون الداخلية وإحالة التوصيات إلى الخديوي.
وتأثر النظام الدائم للمجلس والنظام الداخلي تأثراً كبيراً بالنظم البرلمانية الأوروبية المعاصرة، ولا سيما الفرنسية.
ويتألف مجلس النواب الاستشاري من 75 عضواً ينتخبون من شخصيات بارزة في القاهرة والإسكندرية ودمياط، بالإضافة إلى مجلس الشيوخ (زعماء القرى) والشيوخ في المحافظات الأخرى تم انتخابهم لأول مرة في عهد الخديوي إسماعيل، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية الذي تم تعيينه بموجب مرسوم ملكي.
كانت ولاية المجلس ثلاث سنوات وظلت الجلسة لمدة شهرين كل عام، عقدت تسع جلسات في ثلاث فترات تشريعية (25 نوفمبر 1866 - 6 يوليو 1879).
مع مرور الوقت توسعت صلاحيات المجلس، وبدأت اتجاهات المعارضة في الظهور، انبثق هذا التطور عن مدارس المنارة التي نشرتها مجموعة من كبار المفكرين والكتاب، فضلاً عن الصحف التي شددت على الحاجة إلى إنشاء مجلس تمثيلي يحافظ على المزيد من الكفاءات في التشريعات بقدر ما يسيطر عليها.
في عام 1878 تم إنشاء أول مجلس وزراء، وأعيد تشكيل البرلمان ومنح المزيد من صلاحيات التمرين (على الرغم من أن بعض الأمور، مثل الشؤون المالية، ظلت خارج نطاق صلاحياتها).
في يونيو 1879 ، تم إعداد الأمر الدائم الجديد لمجلس النواب الاستشاري لإصداره من قبل الخديوي (رئيس الدولة)، وذكر أن المجلس يتألف من 120 عضوًا لمصر والسودان.
وأهم بند في هذا النظام الدائم هو مساءلة الوزراء أعطى المجلس المزيد من النفوذ في المسائل المالية، ومع ذلك الخديوي توفيق، الذي توج في 26 يونيو 1879، ينتهك النظام الدائم وألغى المجلس، لكن المجلس بقي في الجلسة حتى يوليو 1879.
مجلس النواب المصرى
وعرفت مصر الحياة النيابية بمسماها الحقيقى فى 9 سبتمبر عام 1881 حينما شهدت ثورة عرابي التي دعت إلى تأسيس مجلس النواب، حيث تم إجراء الانتخابات وفقًا للأمر الدائم الصادر عام 1866، وتم افتتاح المجلس الجديد المسمى مجلس النواب المصري في 26 سبتمبر 1881.
وصدر مرسوم حكومي في 7 فبراير 1882، في انتظار موافقة الحكومة على قانون أساسي جديد، وقد حمّل ذلك القانون الأساسي مجلس الوزراء أمام مجلس النواب المنتخب من قبل الشعب، الذي كان له سلطة تشريع الوزير واستجوابه ، وكانت مدة مجلس النواب المصري خمس سنوات، وكانت كل دورة ثلاثة أشهر.
وهكذا تم تأسيس أساس الممارسة الديمقراطية تدريجيا ، ومع ذلك فإن هذا لم يدم طويلا حيث عقد مجلس النواب المصري جلسة عادية واحدة (26 ديسمبر 1881 - 26 مارس 1882) قبل احتلال بريطانيا مصر وإلغاء القانون الأساسي ، و في عام 1883 صدر ما يسمى القانون العادي الذي شكل نكسة للحياة التمثيلية في مصر.
المجلس الإستشاري للقوانين
ينص القانون العادي الصادر عام 1883 على أن البرلمان المصري يتألف من مجلسين: المجلس الاستشاري للقوانين والجمعية العامة ، كما أنشأت مجالس المحافظات التي كانت وظيفتها إدارية وتشريعية، وعُهد إليها بانتخاب أعضاء المجلس الاستشاري للقوانين.
يتألف المجلس الاستشاري للقوانين، الذي تبلغ مدته 6 سنوات، من 30 عضوًا: 14 عضوًا معينًا، بمن فيهم رئيس مجلس النواب وواحد من نائبيه، و 16 عضوًا منتخبًا، بمن فيهم نائب رئيس مجلس النواب الآخر.
من ناحية أخرى، كانت الجمعية العامة تتألف من 83 عضوًا، و 46 عضوًا منتخبًا، والباقي أعضاء بحكم منصبهم، وكان الباقين أعضاء في المجلس الاستشاري للقوانين، الذي ترأس رئيسه الجمعية العامة، وسبعة وزراء.
الجمعية التشريعية
في يوليو 1913 تم حل كل من المجلس الاستشاري للقوانين والجمعية العامة، وأنشئت الجمعية التشريعية، تألفت من 83 عضوا: 66 منتخبًا و17 معينًا.
وينص القانون العادي الصادر في يوليو 1913 على أن مدة الجمعية التشريعية ست سنوات، واستمرت الجمعية التشريعية في الفترة من 22 يناير 1914 حتى 17 يونيو 1914 عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى وأعلنت الأحكام العرفية في مصر.
في وقت لاحق من ديسمبر 1914، أعلنت بريطانيا مصر محمية بريطانية، وتم تأجيل جلسة الجمعية التشريعية إلى أجل غير مسمى، و في عام 1915 تم تعليق القانون العادي حتى تم حل الجمعية التشريعية في أبريل 1923.