مد جسور التواصل والحفاظ على السلام.. أبرز إنجازات السيسي في إفريقيا خلال 9 سنوات
مارينا فيكتور مصر 2030يمر اليوم تسع سنوات، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مرحلة بالغة الصعوبة، من حيث حجم وتنوع التحديات التي تواجهها مصر ومحيطها الجغرافي الإقليمي والدولي المضطرب.
وتزداد التحديات يومًا بعد يوم في ظل ما يواجهه العالم من أزمات وصراعات تواجه الدول المركزية بشكل خاص، وفي مقدمتها مصر، لكن وضوح رؤية القيادة السياسية وتماسك الجبهة الداخلية والتفاف الشعب حول قيادته ورؤيته وسياساته تظل حائط الصد الأقوى.
وتظل صناعة سياسة خارجية ناجحة في ظل متغيرات متلاحقة على الساحة الدولية تحديًا لا يقل أهمية عن صناعة تنمية حقيقية، في الداخل.
وفي ظل تحول عالمنا في هذه الألفية لقرية صغيرة تتشابك وتترابط وتتأثر فيها كل دولة بما يجري في مناطق أخرى من العالم، جاءت الرؤية الثاقبة للرئيس السيسي في تعزيز علاقات مصر الدولية سواء الثنائية أو متعددة الأطراف بتشابكاتها وتوظيفها لصالح المواطن المصري ومستقبل أبنائه.
وحرصت مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في عام 2014 على ترسيخ دورها الريادي والمحوري في عمقها الاستراتيجي الإفريقي، حاملة راية تسوية الأزمات والصراعات التي تقف عائقًا أمام التنمية والاستقرار في القارة الأم.
ومنذ توليه الحكم في البلاد، تواصل مصر تنفيذ توجيهات الرئيس بتوسيع دائرة التعاون مع الدول الإفريقية الأشقاء ومد جسور التواصل الحضاري مع كافة شعوبها، وكذلك تفعيل القوة المصرية الناعمة بالقارة والانخراط بفاعلية في صياغة وتطوير مبادئ وآليات العمل الإفريقي المشترك تحقيقا للمنفعة لجميع الدول الإفريقية فيما يتعلق بالقضايا المحورية التي تمسها، خاصةً الملفات التنموية وملفات صون السلم والأمن في إفريقيا.
إيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمي والقاري وجهود وتحركات منسقة لتعزيز وتعظيم الدور الريادي لمصر في القارة من خلال تنشيط التعاون، بين مصر والأشقاء الأفارقة في كافة المجالات جاءت في صدارة أولويات السياسة الخارجية المصرية التي رسمها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد الحكم انعكاسا جليًا للانتماء المصري للقارة الإفريقية.
ومضت مصر بخطى ثابتة، ولا تزال لتعزيز دورها الريادي في القارة الإفريقية بعد ثورة الثلاثين من يونيو، حيث وضع الرئيس السيسي عناصر عديدة متكاملة ومتناغمة، لضمان إعادة تمركز مصر في قارتها.
ففي الوقت الذي ينطلق فيه قطار الجمهورية الجديدة صوب التنمية والازدهار، حرصت مصر بقيادة السيسي على العمل من أجل تحقيق التنمية في القارة من خلال تنمية المصالح المشتركة، والدفاع في كافة المحافل الدولية عن حق الدول الإفريقية العادل في النهوض والسلام والاستقرار والتقدم.
ثوابت مصرية للسياسة الخارجية
ثوابت عكستها كلمة الرئيس السيسي قبل أيام خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماعات السنوية بمجموعة البنك الإفريقي للتنمية بشرم الشيخ، دفاعا عن حق القارة في التنمية.
وأشار الرئيس السيسي إلى أن الدول الإفريقية تحتاج إلى 200 مليار دولار سنويا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة طبقا لتقديرات الأمم المتحدة وبنك التنمية الإفريقي، مضيفا أن الأزمات العالمية أثرت بقوة على اقتصادات الدول النامية وعلى رأسها اقتصادات دول القارة الإفريقية.
وأضاف الرئيس السيسي أن الدول الإفريقية تعاني في الأساس من تحديات داخلية عديدة، ما يتطلب أفكارا غير تقليدية للبحث عن حلول تمويلية.
هذا بالأضافة إلى تواصل وتنسيق مستمر مع القادة الأفارقة حيال كافة القضايا القارية والدولية حرص عليه الرئيس السيسي منذ انتخابه رئيسًا للبلاد في 2014 وذلك من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات الهاتفية ومشاركة الرئيس في كافة الاجتماعات والقمم التي تعقد على مستوى قادة القارة.
دور تنموي في القارة
حرصت القيادة السياسية على الدفع بظورها التنموي في القارة الإفريقية منذ 2014 بعد إجراء تقييم شامل لواقع القارة الإفريقية والفرص والتحديات التي تشهدها القارة ودولها ودورها فالنظام العالمي المتغير لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة في القارة، دور انعكس جليا خلال رئاسة مصر بقيادة الرئيس السيسي للاتحاد الإفريقي في عام 2019.
إنجازات عدة حققتها الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي حيث أطلقت مصر برئاسة الرئيس السيسي، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية عقب بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية المنظمة لها، والتي كانت ضمن الأولويات التي أعلن عنها الرئيس خلال رئاسة مصر للاتحاد، وتسارعت الدول الإفريقية لإقامة تكتل اقتصادي بحجم 3.4 تريليون دولار يجمع 1.3 مليار شخص ليكون أكبر منطقة للتجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، وهو ما يقدم فرصة ذهبية لإحداث تحول اقتصادي وتنموي قي القارة.
السياسة المصرية تجاه إفريقيا ارتكزت على عدة مسارات متوازية، أهمها مسار التنمية وزيادة التجارة بين دول القارة الإفريقية، وتحسين البنية التحية والتوسع في مشروعات ريادة الأعمال من أجل تحسين مستوى معيشة المواطن الإفريقي، وعلى رأس هذه المشروعات كانت مشروعات المياه، وفي هذا الشأن، نفذت وزارة الري المصرية أعمال إنشاء خمس سدود، وست محطات مياه شرب جوفية، وحفرت أكثر من 100 بئر بعدد من الدول بواقع 75 بئرًا جوفية، وميكنة بئرين جوفيتين لتوفير مياه الشرب النقية بأوغندا، إضافة إلى حفر 180 بئرًا جوفية في كينيا، و60 بئرًا جوفية في تنزانيا، و10 آبار جوفية بإقليم دارفور.
ووقعت مصر مذكرة تفاهم لمشروع إنشاء سدود حصاد مياه الأمطار بجنوب السودان، وإعداد دراسات إنشاء سد "واو"، بالإضافة إلى الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع درء مخاطر الفيضان بمقاطعة كسيسي غربي أوغندا.
كما شهدت فترة التسع سنوات الماضية إقامة أهم وأكبر المشروعات التنموية المصرية بالقارة السمراء، ومن بينها مشروعات الربط بين مصر وإفريقيا، من خلال قطاعي النقل والمواصلات، والكهرباء، وأهمها مشروع "القاهرة- كيب تاون"، والربط الكهربي بين إفريقيا وأوروبا، ومشروع الربط المائي بين مدينة الإسكندرية المصرية وبحيرة فيكتوريا، وكذلك السكك الحديدية للربط بين دول القارة، ومشروع القاهرة –كيب تاون يستهدف الربط بين تسع دول إفريقية من خلال إنشاء طرق برية عابرة لدول القارة، لتسهيل حركة الاستثمار والتجارة، حيث سيمر الطريق البري العملاق عبر دول (مصر، والسودان، وكينيا، وإثيوبيا،وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي، والجابون، وحتى مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا).
وفي الوقت الذي تقوم فيه مصر على قدم وساق بتحقيق التنمية في ربوعها، يظل الدفاع عن حق الدول الإفريقية العادل في التنمية والسلام والاستقرار والتقدم ثوابت أساسية للسياسة الخارجية لمصر في عهد الرئيس السيسي، فدافعت مصر عن القارة فيما يتعلق بملف مكافحة تغير المناخ حيث أكد الرئيس السيسي في كلمته أمام الدورة الـ26 لقمة الأمم المتحدة تغير المناخ "كوب 26" بجلاسجو أن مصر تدعو لضرورة منح القارة الإفريقية معاملة خاصة في إطار تنفيذ اتفاق باريس.
استضافة مصر لقمة كوب 27 للمناخ
وخلال القمة ذاتها تم اختيار مصر لاستضافة قمة كوب 27 للمناخ بالنيابة عن القارة الإفريقية، لتكون صوتها فيما يتعلق بالظاهرة العالمية المتمثلة في التغير المناخي وتداعياته بكافة أشكالها لاسيما الاقتصادية منها خاصة على الدول النامية.
وخلال السنوات التسع الماضية نجحت مصر في رئاسة قيادة العديد من المنظمات والهيئات الإفريقية ومن بينها، رئاسة منظمة السوق المشترك للشرق والجنوب الإفريقي "الكوميسا" خلال المؤتمر الذي استضافته العاصمة الإدارية، والذي أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلاله تطلعه للعمل مع تجمع «كوميسا»، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين دوله بما يحقق طموحات أعضائه.
كما تسلمت مصر رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي في أكتوبر 2020، وقامت بقيادة أعمال الجهاز الإفريقي الرئيسي المعني بموضوعات السلم والأمن في القارة الإفريقية، وضم برنامج رئاسة مصر للمجلس عددًا من الموضوعات التي تحتل أهمية خاصة ومُلحة لدى الاتحاد الإفريقي ومصر، بما يُمثل فُرصة لتعزيز وتنسيق المواقف الإفريقية المُشتركة في العديد من الملفات الحيوية.
وعكست رئاسة مصر للمجلس حجم اهتمامها الكبير والثابت بقضايا مُكافحة الإرهاب والتطرف بإفريقيا وحول العالم.
كما نجحت مصر في الفوز باستضافة وكالة الفضاء الإفريقية، حيث اتخذ المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي قرارا باستضافة مصر لوكالة الفضاء الإفريقية ويأتي هذا القرار بمثابة تقدير للثقة التامة في قدرة الوكالة على خدمة القارة بأسرها على صعيد تكنولوجيا الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء لدفع جهود التنمية الوطنية والإقليمية الإفريقية وفقا لأجندة إفريقيا 2063.
وتؤكد مصر في جميع الفعاليات الإقليمية وخلال اللقاءات الاستعداد لتسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقي المشترك لآفاق أرحب وحرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الإفريقية، خاصةً من خلال خلق حالة من التوافق حول المهددات الرئيسية للسلم والأمن، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، وقيادة مسار التنمية المستدامة بالقارة، ونقل التجارب والخبرات الفنية المصرية من خلال تكثيف الدورات والمنح التدريبية المختلفة للأشقاء الأفارقة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرسخ الدور المصري المحوري في أفريقيا بما لديها من إمكانات وأدوات مؤثرة وخبرات فاعلة ورؤى متوازنة.
وتلعب القاهرة دورًا كبيرًا، وتبذل كافة الجهود لحلحلة الأزمات سواء القائمة، ومن بينها الأزمة الليبية أو تلك التي تستحدث كما هو الحال بالنسبة للتطورات الأخيرة التي يشهدها السودان، حيث تواصل مصر الجهود والتحركات والاتصالات التي يجريها الرئيس السيسي مع القيادات الإفريقية والأطراف الفاعلة والشركاء الدوليين والإقليميين من أجل عودة الاستقرار في ربوع السودان الدولة الجارة والشقيقة.
وتقف مصر إلى جانب الأشفاء في السودان منذ اندلاع الأزمة في 15 أبريل الماضي، حيث اضطلعت بمسئوليتها عبر استقبال حوالي 150 ألف مواطن سوداني، وفي هذا الإطار أكد الرئيس السيسي مؤخرًا في كلمته خلال قمة مجلس السلم والأمن الإفريقي أن استقرار السودان الشقيق والحفاظ على وحدة أراضية وتماسك مؤسساته ستكون له نتائج إيجابية ليس فقط على الشعب السوداني ولكن على الأطراف الإقليمية كافة.